الأحد، 4 ديسمبر 2011

:: قواعد إدراية من الثورة الحسينية ::

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين..
-

قد يتصور البعض أنه من المبالغة وصف الثورة الحسينية بأنها مدرسة يُستلهم منها في مجالات الحياة المختلفة الدروس والعبر والخطوات العملية التي لها القدرة على قلب كيان المجتمعات السلبية رأساً على عقب، ولكن لو أمعنا النظر في المواقف التي اتخذها الامام الحسين عليه السلام اتجاه الاحداث التي واجهها ابتداءاً من شروعه في الخروج من المدينة لحين استشهاده في يوم العاشر من المحرم لعام 61 للهجرة سنجد الكثير ممايمكن الاستفادة منه ، لم تكن هذه الواقعة أن تحدث لوأنها اقتصرت على الوقائع التأريخية وتنتهي بانتهائها، بل كانت لتصبح منبعاً يرتوي منه كل ظمآن للإصلاح في مجالات الحياة المختلفة.

-
قد وضع العديد من علماء الادارة والقيادة مجموعة من النظريات الحديثة والتي قد وصلوا إليها نتيجة أبحاث وتجارب مكثفة وقد جسّد بعضاً منها الامام الحسين عليه السلام فكانت جزءاً من حركته الالهية، قد يستغرب البعض .. هل كانت هناك نظريات ادارية في ذلك الزمان ؟؟

الجواب هو " نعم " ، أَلَمْ يقل أمير المؤمنين عليه السلام:" الله الله في نظم أموركم " ، وهل تُفسّر نظم الأمور بغير الادارة ؟ ، كان الدور الاداري والقيادي الذي قام به الامام الحسين عليه السلام واضحاً والذي ساهم في ايصال رسالة الطف، ويمكن الاستدلال عليه من خلال النقاط التالية:

1. وضوح الهدف: حيث أن الهدف بالنسبة إلى الامام كان واضحاً وهو الاصلاح وسيسعى الامام عليه السلام جاهداً لتحقيقه نتيجة وضوح الرؤية للأهداف وماتحمل من قداسه، فتراه قد بذل مايملك في سبيل اصلاح الانحرافات ، فالمشروع الذي  يسير دون خطة أو أهداف واضحة ترى القائم عليه يتخبط يميناً وشمالاً ولا يزيده تخبطه الاّ بعداً لما يطلب.

2. ايجاد البديل حال الغياب : إن القيادي الناجح لايترك ادارته دونما قائد يقوم مقامه لتصريف الامور الادارية في حال غيابه، فقد أبقى الامام الحسين عليه السلام أخوه " محمد بن الحنفية " ليكون عينه على المدينة كما جاء فخطابه عليه السلام لإبن الحنفية " وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم في المدينة، فتكون لي عيناً لا تخفي عني شيئاً من أمورهم"، وكذلك يمكن لنا أن نستفيد قاعدة إدارية أخرى.. وهي الوثوق بقدرات الاخرين وتكليفهم بتحمل جزء من مسؤولية المشروع، تقول القاعدة الادارية " إن كنت تثق بقدرات الاخرين فإنك معهم ستصنع المعجزات" .

3. التحفيز : من المعلوم أن للتحفيز دور فاعل في نجاح المشاريع  بوجود القدرات الحقيقية في العمل، وقد قام الامام عليه السلام بدور المحفّز حينما جمع أهل بيته وأصحابه وقال كلماته التي بعثت في نفوسهم التشجيع في انتظار صباح العاشر من المحرم :" فإني لا أعلم أصحاباً ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أصحابي وأهل بيتي فجزاكم الله عني خير الجزاء "، هذه الكلمات التي أدت إلى تفاني الاصحاب في تحمل مسؤولياتهم في الذود عن حريم رسول الله وعن سبطه الحسين عليه السلام.
-
من المؤسف أن يعتقد البعض أن هذه الواقعة مجرد ثورة تاريخية تجدد في كل عام دون أن يمعن النظر في أحداثها التي من الممكن أن نحدث من خلالها ثورات على النفس وتطويرها نحو الأفضل، فالاصلاح الذي كان ينشده الامام الحسين عليه السلام لا يختص تلك الحقبة من التأريخ، بل مختصةٌ بنا أيضاً .. لنتأمل قليلاً.

الخميس، 1 ديسمبر 2011

:: الحسين عليه السلام ثورة نحو التكامل ::


السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ..
-
شكّلت واقعة كربلاء منعطفاً كبيراً ساهم في تغيير مجرى التاريخ نحو سياسة الرفض ونبذ الذل والخنوع للمفاسد والانحرافات التي قام بها يزيد بن معاوية ، حتى أصبحت مدرسة يَنْهَلُ من مَعينِها كل من يسعى لرفض الباطل ويقصد الحق، فكان الامام عليه السلام يعتبر مبايعة يزيد بالخلافة والنزول عند رغبته في إمرة المسلمين جريمة كبرى بحق الاسلام الذي ضحى من أجله جده المصطفى وأبوه المرتضى وأخوه المجتبى عليهم وعلى آلهم الصلاة السلام، فما كان منه عليه السلام الاّ التحرك وفق خطوات واضحة أدت إلى الوصول للهدف وهو الحفاظ على الاسلام وايقاظ المسلمين من سباتهم العميق في السكوت عن الطغيان والجور.

-
وبما أن تفجّر الثورة الحسينية كان بهدف ترسيخ معاني الإسلام الأصيل المنسجم مع القيم الانسانية والتي يتكامل المجتمع من خلالها، من المناسب أن نسعى لفهم هذه الخطوات التي هزت المجتمع فاستيقظ على اثرها، لتتوالى بعد ذلك الثورات الرافضة لكل الطواغيت والظلمة، وتطبيقها بشكل عمليّ على ذواتنا لكي تتلقى النفس ذلك الإصلاح الذي يقرّبها من الله تعالى.

-
1. تحديد الواقع:

أولى هذه الخطوات التي قام بها الامام عليه السلام هي تحديد الواقع، حيث أن واقع المجتمع الاسلامي آنذاك كان قد مُنيَ بالانحرافات التي تنافي القيم والمبادئ التي ارساها الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – ، وعندما طلب منه والي يزيد على مكة بأن يبايع يزيد أطلقها صرخة مدوية" يزيد شارب الخمور، راكب الفجور، قاتل النفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله" .. فإنطلاق الامام الحسين عليه السلام بناءً على تحديد مواطن الخلل الذي ينتشر من خلاله الفساد.

-
2. التخطيط:

إن التخطيط الذي قام به الامام الحسين عليه السلام كان أحد أسباب انتصار الثورة، فقد رسم الامام الحسين تحركه وفق خطة يسعى من خلالها أن يُبقي الإسلام حياً ينبض بجسد الأمة بعد أن أماته يزيد، ولا يكون ذلك الإّ بإراقة دمه الطاهر، فخطّط لأن يتجه إلى الكوفه، فبعث برسوله مسلم بن عقيل عليه السلام سفيراً له، وبعدها اصطحب النساء والاولاد ليكونوا جزءاً من هذه الفاجعة، حيث أن بشاعة الوقائع التي قام بها معسكر عمر بن سعد اتجاه نساء وأطفال الامام الحسين عليه السلام ساهم في فضح الظلمة وخلود الذكرى وبقاء الإسلام.

-
3. الخطوات العملية:

فبعد أن حدّد الإمام الحسين عليه السلام مكامن الإنحراف والفساد في المجتمع الإسلامي، وبعد وضع الخطة التي من خلالها سينطلق في مواجهة هذه الإنحرافات وعلى رأسها اسقاط يزيد من السلطة، بدء التحرك العملي في التطبيق لاصلاح الإعوجاج في الأمة، والخروج على الجور والظلم حتى وإن كان القتل هو النتيجة الحتمية، فلم يبالي عليه السلام بهذه النتيجة لإيمانه بقداسة المنطلق.

-
هكذا يمكننا أن نتعامل مع النفس ايضاً، حيث أن عدم الرضا والشعور بسوء الواقع يدفعنا لأن نحاول تغيير واقعنا لما هو أفضل بوضع الخطط التي تساهم في هذا التغيير، والسير وفق هذه الخطط لنصل إلى التكامل على مستوى النفس وعلى مستوى المجتمع.

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

:: وَأنا مِنْ حُسَيّنْ ::


السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين..

من الروايات المستفيضة التي ذكرها النبي الأعظم - صلى الله عليه وآله -  في الامام الحسين عليه السلام  تبياناً لمكانته العظيمه والتي ربما تكون من أشهر الروايات وأكثرها انتشاراً وتداولاً بين عامة الناس هي قوله - صلى الله عليه وآله -  "حسين مني وانا من حسين أحب الله من أحب حسينا" ، وأني أكاد أجزم أن لهذه الرواية سر من أسرار العظمة التي تكشف عنها واقعة كربلاء عام 61 للهجرة.

-

فقد مرت الدعوة الاسلامية بمرحلتين هامتين هما مرحلة التأسيس التي قام بها الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله - ، مرحلة التأسيس كانت تتطلب جهداً عظيماً في عملية البناء فما كان من المصطفى – صلى الله عليه وآله – إلاّ الاستعانة بجميع الطاقات التي من الممكن تُوَظف أو تساهم في نشر الرسالة السماوية ذات القيم الإلهية في دولة الكفر والعبودية، فكان دوره النبي الأعظم –صلى الله عليه وآله - تأسيسياً ، قام بوضع اللبنات الأولى للإسلام وأرسى قواعده راسخة إلى وفاته.

-

وأمّا بالنسبة للإمام الحسين عليه السلام فقد قام بدور المصحح إن صح التعبير للمسار بعد الانحرافات التي مُنِيَ بها الإسلام بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وآله – حيث تفشت المفاسد في الجسد الإسلامي على مستويات عدة ، وهذا مابيّنه الامام عليه السلام في سبب تفجّر ثورة القيم الالهية حيث قال: " ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلوا حرام الله ، وحرّموا حلاله" ، فقد اختار عليه السلام صفوة أصحابه والخلّص منهم ليقوموا بعملية التصحيح التي قادها الامام الحسين عليه السلام حتى تمثل هذه الواقعة طهارةً تامةً تساهم في خلود الاسلام وبقاءه بتلك الفاجعة التي حفظت هذا الدين من الاندثار.

-

ومن هنا كان الارتباط قائم بين الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – وبين سبطه الحسين عليه السلام في الحديث الشريف : " حُسينٌ مني وأنا من حُسين أحبَّ اللهَ من أحبَّ حُسيناً" .. فما يُقال بأن الاسلام محمدي الوجود حسينيُّ البقاء هي حقيقة وواقع لايمكن لأحد انكارها سوى المعاندون، فكل مالدينا من كربلاء والتضحيات التي قُدّمت في سبيل حفظ الاسلام المحمدي الأصيل، فمن الواجب علينا أن نكمل مسيرة الامام الحسين عليه السلام في حفظ الاسلام بتخليد الذكرى الحسينية بكافة أشكالها وشعائرها بعيدة عن الانحرافات امتنناناً منّا لمن حُفظ الاسلام بقتله وبسبي عياله ..

الأحد، 27 نوفمبر 2011

:: من أجل الحسين عليه السلام ::

السلامُ على الحُسين وعلى عَلي بن الحُسين وعلى أولادِ الحُسين وعلى أصْحابِ الحُسين ..
-
نجدد في عامنا هذا الحزن والبكاء على حفيد المصطفى - صلى الله عليه وآله -  الامام الحسين بن علي عليه السلام في ثورته الخالدة التي قام بها بُغية الاصلاح نتيجة الانحرافات التي اوردها الطغاة على المستويات المختلفة ، ثورة قامت منذ ما يقارب 1372 سنة تناقل ذكرها عبر الاجيال حتى حطت رحالها في زمننا لتكشف لنا بشاعة الظلم وتنفخ في روحنا شوق الاصلاح.
-
ان الثورة الحسينية انطلقت من مبدئ اساس وهو"  إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمتي جدي آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" ، لم يستطع الامام عليه السلام تحمل النظر إلى الانحرافات والمفاسد التي كانت تتفشى في المجتمع الاسلامي شيئاً فشيئاً فأخرجت المنظومة الاسلامية عن الجادة التي وضعها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله- و أصبح الناس كأنهم قد رضوا بهذه الانحرافات نتيجة عجزهم عن إصلاح الواقع الأليم ، فلابد من تضحية توقض بعدها من كان يغط في سبات عميق.
-
إن القيم التي انطلق منها الامام الحسين عليه السلام كانت أحد العناصر الرئيسية في خلود هذه الثورة، فكان احدها ((الاصرار)) ، الاصرار على التغيير ، الاصرار على رفض الانحرافات والمفاسد ومواجهتها بحزم حتى يرجع للاسلام رونقه و لو كانت النتيجة هي الشهادة - في ظل عدد لا يتجاوز المئة من الانصار في مقابل جيش جرار يقدر بالالوف-  وقد كان يعلم الامام الحسين عليه السلام النتيجة مسبقاً ومع ذلك لم يهن، بل كان يؤمن ايماناً تاماً بوجوب هذه المواجهة حتى جرت تلك الكلمات على لسانه الشريف (( شاء الله أن يراني قتيلا)).
-
كما أنها الثورة- قد كان لانطلاقتها عناصر أخرى من القيم كالحب والصدق والبطولة والوفاء تجسدت فيمن قاموا بالادوار المختلفة من أهل البيت عليهم السلام وأصحاب الحسين عليه السلام، حيث أن القيم لو لم تتجسد بالاشخاص واقتصرت على أن تكون مجرد قيم مثالية لكانت مجرد حروف وكلمات لا أثر لها، ولكن تسجدها بسلوكيات الامام الحسين عليه السلام ومن كان معه من آله وأصحابه جعلتها قيمة حقيقية وسلوكيات واقعية مارسوها فيما بينهم وحتى مع عدوهم، ساهم هذا التجسيد في الحفاظ على خلود الثورة الحسينية.
-
وبما أن الثورة الحسينية قامت بهدف الاصلاح، ينبغي لنا أن نرى من خلالها ثورة الانسان على نفسه، الثورة على النفس بهدف اصلاحها لتكون حسينية القيم وحسينية المبادئ، فمن يسعى لتغيير مجتمع إلى الأفضل عليه أن يبدأ بنفسه أولاً حتى يكون قادراً على تغيير مجتمع منطلقاً في ذلك من بناء سليم ومعتقد راسخ، فكما أصر الامام الحسين عليه السلام أن يواجه الانحرافات مهما كانت نتائج هذه المواجهة علينا أن نصر على تغيير ذواتنا إلى مايناسب انتسابها للامام الحسين عليه.. لنتغير من أجل الحسين عليه السلام.

الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

:: لوحة الحُزن ::



ها هو هلال الحسين ع يقترب .. يحمل بين قطبيه ألوان الآلام والحسرة، مشهد خلده التاريخ بما يملكه من عظمه .. الحسين ع يقدم القربان تلو القربان .. اي جرح انتِ ياكربلاء نُقِشَ على جبين الزمن ليتجدد على مر العصور فيقدم لنا عِبَرٌ وعَبَرات..
-
كربلاء .. لوحةُ مأساةٍ جسّدت عناصرها دماءٌ وأشلاء .. رسمتها أيدي مبدعة مثّلت قيماً ومبادئاً فاعطت لتلك اللوحة رونقها .. لوحة كان "الوفاء" قد رُسم فيها بالأصحاب، " ما رأيت اصحاباً أَبَر ولا أوفى من أصحابي ".. جرت كلمات الوفاء بالموقف على لسان الحسين ع لأصاحبه ، لم يأخذوا برخصة إمامهم في اتخاذ الليل جملا .. بل أبوا العيش دون من كان يمثل كُنْهُ الحياة.
-
كربلاء .. لوحة تحمل العشق الإلهي فهو المعشوق الأبدي .. الحسين ع  يهمس في أذن السماء "رضاً بقضائك لا معبود سواك" .. زينب تتخطى الأجساد المرملة وتبدو حائرةً بين الرؤوس المشالة على الرّماح .. " ان كان يرضيك يارب فخذ حتى ترضى" .. أيٌ قلبٍ يحتمل تلك الرزايا سواه .. انه قلبُ زينب ع
-
كربلاء .. لوحة يصبغها اليتم والحرمان.. حميدة أول يتيمة بركب الحسين ع .. يد العطف تلامس البراءة بحنان .."عم يا حسين لم تصنع بي ما يُصنع بالايتام.. هل أُلحقتُ بقوافل اليتامى؟؟" .. آهٍ يا حميدة لو رأيتِ مسلماً وحيداً قد احتوشه الظالمون من كل جانب.. آهٍ لو رأيتِ ذلك المهند الذي فصل الرأس عن الجسد .. حميدة حكاية يُتْمٍ لا تنتهي في كربلاء ..
-
كربلاء .. لوحة من البطولة مثلّها شبل عليّ ع ، طودٌ لم يثنه فَقْد اليمين والشمال عن خوض المنون ليسقي وروده الذابلة، خيّم الظلامُ بِعَيْن الإمام ع ..كُسِف القمر .. " الآن انكسر ظهري" ، تسعى زينب بين الاطفال " أين أبا الفضل ؟ " .. فهوت خيمةُ العباس هكذا أجابها الحسين ع .. فقد هوى  الخلود بجنب العلقمي..
-
كربلاء .. لوحة الثورة .. ثورة القيم الانسانية ضد الجاهلية الجهلاء .. رُسِمت بريشة ملؤها العزّة والاباء، فهناك من ملأ الخافقين بصوته " والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد" ، إنه مُلهم الثوار، الذي أفنى في الله تعالى ذاته فأجزل له الباري العطاء، وفارتفعت هامَتهُ على الرِّماح كالنجم شامخةً بلا ذل أو هوان.

هي لوحة قد تشابكت عناصرها فتكاملت وشكلّت إبداعاً يُعلَّقُ على صَدْرِ الزَّمن ليُسْتلهَم منها دروسِ العشق والصبر ومعنى البطولة والثورة .


الجمعة، 18 نوفمبر 2011

:: انطلاق الفكر نحو النجاح ::



:: خذوا أقلاماً ، انقشوا أحلامكم على ورق .. فقد انطلقت مسيرة النجاح ::


النجاح كلمة فضفاضة يطلقها كل فرد على انجازه بنظرته الخاصة ليحدد مايقصده من هذا المفهوم، قد يراها البعض انها إنجاز مادي، ويرى البعض الاخر انها إنجاز معنوي، ويراها آخرون انها مزيج من هذين الانجازين، فهي غير محدده بمفهوم واضح الّا ما أُجمع عليه نتيجة تميز هذا العمل للجميع.


هل النجاح مقتصر على افراد دون آخرين ؟؟
النجاح لا يصنع بالامنيات والأحلام وانما بعمل شاق تشعر من خلاله بلذة الإنجاز، إذن فهو متاح للجميع ولكل من يرغب بالوصول اليه، قد يعوِّل البعض على نسبة الذكاء ليكون هو العامل الرئيسي للنجاح، ويتصور ان من لا يملك نسبة عالية من العبقرية لايمكنه ان يتخذ خطوات نحو النجاح، لابد للاشارة هنا أن النجاح في أي مجال كان يعتمد على أدوات وعوامل ، وأن الذكاء هو عامل مساعدة للوصول إلى النتائج المطلوبة في وقت اسرع.


ان ما نحتاجه كخطوة أولى نحو النجاح هو التفكير .. ، التفكير بالدرجة الأولى هو المحرك  لردّات الفعل التي تنتج عن المثيرات التي يتعرض لها المرء في محيطه الخارجي او الداخلي فيعرضها على عقله ومن بعد ذلك تتم عملية الحكم  واختيار الفعل المناسب الذي يتفق مع الموقف، ومن الملاحظ ان أغلب ردود افعالنا اتجاه المواقف غير قائمة على تفكير عميق، بل هي ردود أفعال سريعة تعتمد على العواطف و سطحية التفكير ..


التفكير مهارة عقلية يمكن التدرب على كيفية استخدامها كما هي بقية المهارات الأخرى كالمهارات الرياضية.. فلكي أكون سباحاً ماهراً ( مثلاً )عليّ أن أمارس هذه الرياضة بشكل مستمر حتى أصل إلى درجة الاتقان، كذلك هو التفكير من لم يستطع أن يمرّن العقل على كيفية التفكير واساليبه ستبقى السطحية هي سمته..


أحد أجمل هذه الأساليب هو استخدام الورقة والقلم في عملية التفكير، الورقة البيضاء تمثل عالمك الخاص وأحلامك التي لايقيدها شيء فلا تسعى أن تقيد حرية تفكيرك لقيود تعيق الانطلاق في فضاء الطموح والخيال، وبالقلم تنقش تلك التطلعات والآمال في عالم أبيض يدل على إيجابية وتفاؤل تقودك نحو تحقيق أهدافك بنجاح..


أكتب ماتريد في أسفل الورق وانطلق منها الى أعلاها وفق خطط زمنية وعملية للوصول الى هدفك المرسوم في قمة الورقة .. فكر ثم اكتب ثم انطلق لتحقيق النجاح.

الأحد، 13 نوفمبر 2011

:: دعوة التغيير ::

لعل السمة الابرز التي يتسم بها عام ٢٠١١ هو انتصار ثورات المستضعفين من البلدان العربية على حكومات  الجور والظلم، فاطلق على تلك الثورات المتتالية في إطاحة عروش الظالمين بالربيع العربي، الظلم المتجسد بتفشي الفقر والبطالة وقمع الحريات في التعبير علن الآراء التي تعارض الرأي الواحد، قد وصل بهؤلاء الثوار الحال ان تكون حياتهم كمماتهم بل قد يكون الموت ارفق بهم من العيش في الفقر والذل معاً .. فحصل ما حصل من ((التغيير)).


ان الدافع الذي حرك هذه الشعوب هو الحاجة .. الحاجة للشعور بالكرامة قبال الذل، الحاجة الى العيش الكريم في قبال الفقر ، الحاجة الى الحرية في قبال القمع وكبت الحريات .. الحاجة هي الأساس في انطلاق هذه الثورات، و ستنطفئ هذه الحيوية المشتعلة بمجرد اشباعها.. لان هذا هو الواقع.




لست سياسياً ولا احب ان تطبع أحاديثي بها.. حيث أني لا افقه منها الا القليل، ولكن كان المدخل الذي يبين اننا نحتاج الى وقفة جادة نحلل بها الواقع لننطلق في عالم التغيير والإصلاح.


وفي حال توجيه النظر الى المجتمعات المصغرة التي يُبنى عطاءها بيد الشباب، نرى سيطرة اصحاب القرارات والإدارات على حرية التفكير التي تعطل التطور والإبداع الذي يتمتع به أولئك الشباب، فاغلب القيادات والإدارات تؤمن ايماناً تاماً بأحادية النظرة التي لا يمكن من خلالها لأي شخص ان يبدي وجهة نظره ورأيه حول قضية لتطويرها، وهذا من اهم اسباب الفشل التي تصبغ الاعمال التي يقوم عليها ذوو العقول الأحادية .


ومن الغريب جداً ان تستعين هذه الإدارات بالشباب لتحقيق ما تريد دون ادنى نظرة لما يحمل هؤلاء الشباب من طموح وتطلعات، فأصبحت العادة لديهم هي قتل الطموح والابداع وتحويل الطاقات الشبابية لمجرد آلات تنفذ دون تفكير او نقاش، وان تجاوزنا جدلاً موضوع النقاش فلا يؤخذ برأيهم لعدم الثقة بتلك القدرات، او خشية الفشل.. من المؤلم ان تغفل هذه الإدارات ان طلب النجاحات في اي مجال باتباع ذات النهج الفاشل تعتبر من السذاجة.. 
وان طلب الإبداع والتطور في اي عمل مع تقييد العاملين وفق رأي واحد تعتبر من السذاجة..


يميل الشباب عادة لمن يحترم جهودهم ويقدر تطلعاتهم ويأخذ بأيديهم نحو تحقيق طموحاتهم، فإن المؤسسات التي تسعى لان تقطع شوطاً من التطور في ظل الحداثة عليها ان تغير من تلك العقليات التي تثبط العزائم وتعوق الهمم، وان تحتضن الطاقات اسوةً بالمجتمعات المتطورة التي ترتقي بأعمالها نتيجة الثقة التي تُعطى للشباب .. لا تنتظروا ان يبذل هؤلاء الشباب قمة عطاءهم وجهودهم لمن لا يقدّر جهده في اي مجال كان. 


أتساءل هنا.. ألم يحن الوقت للشعور بالحاجة الى تحرير عقول الشباب من سطوة اصحاب القرارات والإدارات في المجتمعات المصغرة بهدف تطويرها وإصلاحها بما يتناسب مع ما وصلت اليه الحداثة؟؟


نحتاج لأن نقف وقفة جادة لتغيير تلك الأساليب البالية في التفكير والتي كانت سبباً من اسباب التخلف والانحدار في المجتمع على المستويات المختلفة، قد اكون متفائلاً في الدعوة الى تغير عقول اصحاب القرارات وهو الاصعب .. وهذه دعوة لتغيير النفس والعقل قبل كل شيء 


الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

:: كربلاء .. وفتنة المعتوه ::


أطل علينا قبل يومين أحد خطباء الجمع ممن يتبنون الفكر اليزيدي من على منبر رسول الله ص لينشر من خلال هذا المنبر وقاحاته التي يرميها جزافاً من تكفير واتهام بالبدع في تعرض صارخ لمعتقدات شريحة واسعة من مجتمعنا بحجة بيان الكارثة المدمرة والطامة الكبرى التي وقعت بها وزارة التربية في منهج الصف السابع من مادة علوم الأسرة والمستهلك في ذكرها لأنواع السياحات التي منها السياحة الدينية ، جعلته بعض فقرات هذا المنهج يستشيط جنوناً حينما ذكرت العتبات المقدسة في كربلاء، متناسياً أن هذا المجتمع يقوم على ركيزتين أساسيتين هما السنة والشيعة ، ولا يمكن لأحد أن يلغي الآخر بالتعرض لمعتقداته التي يؤمن بها.

 لا أعلم ماهو المغزى من وراء هذه الفتة التي يريد اشعالها المتحدث من على منبر رسول الله واساءته لمدينة سبط رسول الله بالتحديد ، فهو لم يجن حين ذكر الفاتيكان وانما ثارت غيرته على الدين حينما ذُكرت كربلاء، يقول هذا الخطيب في معرض كلامه أنه لا يسعى  إلى الفتنة وأن الشيعة والسنة قد عاشوا في هذا البلد متحابين إلى أن قامت تلك الثورة في الاشارة إلى الثورة الاسلامية في ايران،  ربما هو لا يعلم ان الزيارة للعتبات المقدسة لم تكن وليدة هذه الثورة بل تسبقها بمئات السنين ولا ارى الاشارة إلى الثورة الايرانية الاّ محاولةً للاصطياد بالماء العكر، وإن كان المتحدث لايسعى للفتنة كما يدعي، كان بإمكانه ان يتبع القنوات القانونية في الاعتراض على ماورد  في المنهج دون اللجوء إلى الخطب الجماهيرية التي تهيج طرفيّ الخلاف.

ماهو سبب هذا التمادي وخصوصاً بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بعض الاشخاص وقنوات الفتنة الفضائية..هل بسبب غياب العقلاء في التصدي لمثل هذه الممارسات التي ستكون لها نتائج مدمره للمجتمع؟ ، أم هو لغياب القانون الذي من المفترض أن لا يسمح بتعدي طرف على طرف آخر بإساءة؟

هل يعلم المتحدث أن النيل من مدينة سبط  الرسول الأعظم هو نيل من رسول الله ص؟،  إذ أن قيمة الأرض تُستمد مِن مَن هو مدفون بها، وهو الامام الحسين بن علي عليهما السلام، أليس هو من قال بحقه المصطفى ص وفي حق أخيه الحسن ع:" هما ريحانتي من الدنيا" ، فكرامة كربلاء وقداستها مكتسبة من انتمائها للحسين ع المدفون بها، هذا هو تقديرنا لأعظم آثار النبي الاكرم ص، وتقدير المتحدث هو وصم الدعوة لزيارة كربلاء بأنها "أعظم من الزنا "والعياذ بالله، ليعلم المتحدث أننا نتبرك ونعظم من أعطى الله كل شي فكافأة الله تبارك وتعالى بأن أعطاه هذا الخلود بين الناس كرامة لتضحيته من أجل دينه!.

أتوجه بالسؤال لذلك الخطيب .. ماهو رأيك بالروايات التي تروي تبرك الصحابة  بماء وضوء النبي ص؟، وماهو رأيك بالروايات التي تروي تبرك الصحابة بشعره الكريم واكرامهم اياه أن يقع شيء منه الاّ في يد رجل سبق إليه؟ أليس ماء الوضوء ماءً ؟ أليس الشعر شعراً؟ لماذا يتبرك به الصحابة ...؟

التبرك هو في انتساب الماء والشعر إلى النبي الأكرم ص، كذلك هو الحال بالنسبة إلى التبرك بمقام الامام الحسين ع ، أليس هو أثر من المصطفى ص؟، ولا أريد الاسترسال في الروايات الداعية إلى التبرك بغير آثار النبي ص كغبار المدينة وتربتها والحجر السود والركن اليماني وماء زمزم وغيرها..
لا يعتقد البعض أن تجاهل  الرد على المتحدث من باب الضعف أو نقصان الحجة، انما هو من باب الحفاظ على نسيج هذا المجتمع الذي جُبل على تقبل الاخرين دون المساس بمعتقداتهم وشعائرهم ، وللأسف أن ما نلاحظه من تحرك لأتباع الفكر التكفيري هي حالة طارئة على مجتمعنا لم تكن موجودة من قبل تسعى لتمزيق أواصر المحبة والعيش المشترك لصالح جهة مجهولة .  نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقِ بلدنا الحبيبة نار الفتن التي لو اشتعلت لن يعلم إلى ما ستؤول إليه إلاّ الله تعالى.

الأحد، 11 سبتمبر 2011

:: تغيير القناعات .. ماذا تحتاج ؟ ::


ان حياة الانسان هي عبارة تفاعله مع البيئة المحيطة به، فالتفاعل مع رب العالمين يعتبر عبادة، والتفاعل الفطري مع البشر هو تعايش، والتفاعل مع غيرها كالجمادات انما هو من باب المنفعة، ولكل تفاعل من هؤلاء فنٌّ يختص به، يسعى من خلاله الانسان المضي في تفاعله بأقل نسبة ممكنه من الأخطاء.

واذا كان الحديث عن علاقة الافراد بعضهم ببعض، وفيما يختص بتصحيح بعض السلبيات او المفاهيم لديهم، كيف يمكننا التأثير دون ان نضع ذلك الحاجز الذي ينشأ من خلال اسلوب التهجم او التهمة الذي يتخذه البعض في نقاشه مع الاخرين، وكيف يمكننا ان نعالج السلوكيات السلبية مع المحافظة على العلاقات الطيبة مع الاخرين، هل نملك فنون خاصة في النقاش والاقناع؟؟

ان اسلوب التهجم والخصومة لا يجدي نفعاً في إيصال رسالتنا للطرف الاخر ، لان بناءه سيكون عادةً ناتج عن ردة الفعل ، اذ ان غلظة النقاش تؤدي الى انفعال القوة الغضبية لدى الانسان، ودفاعه عن  فكره وآراءه ومعتقداته يكون بدافع الغضب والتبرير بأي شكل من الأشكال، مصيباً كان ام مخطأً، والبديل الناجح هو مايدعو اليه القران الكريم.. اسلوب الحكمة والموعظة الحسنة والجدال باللتي هي احسن، فكلما كان الكلام رقيقاً اخوياً كان تسلله الى القلب اسرع وبقاؤه ادوم، وحتى الجدال الذي يذكره القرآن الكريم في الآية "وجادلهم باللتي هي احسن" يحتاج منا الى عملية تهذيب وادراك لهذا الجدال حتى لا يتحول الى صراع وخصومة.

ومن المعلوم ان القناعات والسلوك هي نتائج لمقدمات، ومن كان يريد الاصلاح يتجه الى المقدمات، ومن اكبر الأخطاء التي نواجهها في المجتمع هو محاولة معالجة السلوك الخاطئ النابع من مقدمات غير سليمة، فالاتجاه نحو النتائج رغبةً في تقويمها كمن يستخدم المسكنات لعلاج مرضه، فهي معالجة وقتية وفي حال رفع المؤثر سيرتفع التغيير مع تقادم الوقت.

يجب ان نعرف من اين تنشأ هذه القناعات والسلوكيات لنحاول تغييرها والتأثير فيها، منشأ  السلوك والاعتقاد هو الفكر الذي يحمله الانسان والناتج من عملية التربية والتعليم، حيث ان السبيل الوحيد لتغير القناعات هو الدخول في أسس التربية التي قامت عليها تلك الشخصية ومحاولة تصحيح مفاهيمها كالاهتمامات والصداقات وحتى في اختيار القدوات، متزامنة مع عملية التغذية بالعلم السليم الذي ينطلق على أساسها الفرد إلى المجتمع.
 
فلكي نأثر في قناعات وفكر الاخرين نحتاج الى الدعوة بالتي هي احسن، ومعالجة المقدمات الخاطئة، وفي حال معالجة هذه المقدمات من الطبيعي ستكون النتيجة تابعة للمقدمة.

الخميس، 8 سبتمبر 2011

:: النقد والمحبطون ::


(النقد هو عمليه توجيه وإبداء ملاحظات اتجاه عمل معين بهدف تطويره)
ان العمل الايجابي الذي يسعى من خلاله الفرد لتطوير الذات والمجتمع يحتاج الى بعض العوامل التي تساعد على استمرار هذا الشعور بالمساهمة الفاعلة غضاً طرياً، تماماً كما هو الحال في المحركات التي تحتاج الى الوقود لضمان استمرارية عملها على اكمل وجه والحفاظ على كفاءة عطائها، والتي تبتدئ بالتحفيز الشعوري الى التحفيز العملي، فيأخذ التحفيز اشكال كثيرة منها تقدير النشاط بالكلمات التشجيعية او إبداء الملاحظات باسلوب يدلل على الاهتمام بتطوير هذا النشاط وهو النقد البنّاء او المشاركة فيه من باب الدعم.

من الطبيعي أن يتبنى البعض الموقف النقيض لعملية التحفيز.. فيأخذ دور المثبط ويشكل الحاجز الذي يعوق العمل ويحول دون انجازه، ويبنى هذا الموقف من عدة عوامل ومنها الجهل بإسلوب النقد او التشاؤم الذي يرجع سببه الى عدم قدرتهم على ما يقوم به الآخرون بسبب فشل سابق، فتتكون لديهم تلك النظرة التشاؤمية، او اتخاذ النقد الهدّام كمنهج واسلوب مُتّبع في التعامل مع الاخرين.

وفي ظل التطور العلمي الذي نعيشه، اصبح لكل نشاط او سلوك علم متخصص قام بناءً على دراسات وابحاث اوصلت الى نتائج تجنبنا الوقوع في الكثير من الأخطاء نتيجة الارتجال في قرارات التعامل مع الاخرين، وهذا الكلام ينسحب ايضاً على النقد تأثيرها في العلاقات مع الاخرين، ومما يؤخذ بعين الاعتبار في عملية النقد والذي نذكر منه على عُجالة : الادب في النقد،  تقدير الجهد المبذول، الإلمام بالموضوع المُنتقَد، المساهمة بوضع الحلول البديلة وعدم الاكتفاء بتوجيه الانتقادات ... وغيرها.

وامّا من يتخذ النقد الهدام اسلوباً ومسلكاً في حياته، فهذه تعتبر من البلاآت الكبرى التي تواجه اصحاب المشروع، ومن لم يعرف كيفية التعامل معها ستكون سبباً في تدميره، فهم يبدعون في الأساليب التي تعيق العمل، ويتخذون اسلوب النقد من اجل النقد، وكذلك يملكون ايضاً من العقليات الجبارة التي تمنع اي شخص ان يدخل في حوار معهم يُناقش انتقادهم.

وفي كيفية التعامل مع هذا النوع من الانتقاد فيمكن بعدة طرق ومنها التجاهل، بالإمكان الإعراض عن الكثير من الانتقاد الذي قد لا نجد له مبرراً او لا يطابق واقعية العمل و المشروع، والتحفظ في طرح ما يتعلق بالمشاريع والأعمال امام الملأ لألا نترك المجال لأي كان ان يتدخل في مالايعنيه، او إتاحة الفرصة أمامه لبث تلك الانتقادات الهدامة، فليس كل مايُعرف يقال ولا كل مايقال جاء أوانه وليس كل ما جاء أوانه حضر اهله.
 

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

.:: العقل والعاطفة .. والدور المطلوب ! ::.



" يجب ان تكون قاسي العقل رقيق القلب " .. حكمة

العقل والعاطفة .. قوتان اودعهما الباري جل وعلا في الانسان وميّزه بهما عن سائر الخلق، ولم يكن الله سبحانه ان يودع هاتين القوتين الّا لغاية وهدف (حفظ توازن الأفعال اتجاه المواقف)، ولو افترضنا ان يُخلَق الانسان دون هذا المخلوق الذي يخاطبه تعالى (ما خَلقتُ خلقاً احبُّ اليّ منك ولا اكملتك الاّ فيمن احب) النتيجة انه سيكون كباقي المخلوقات بل ربما اضل سبيلا، كذلك اذا تم تطبيق الافتراض السابق على العاطفة فالنتيجة بأن يكون الانسان كسائر الجمادات، دون شعور واحساس، فمن نعم الله تعالى أن تكون هاتين القوتين من ضمن التكوين البشري.

العقل هو ذلك السراج الذي ينير درب البشرية من خلال التوجيه الذي تقوم به هذه القوة الفطرية لما هو حق و الابتعاد عمّا هو باطل، وهو مركز البحث والمعرفة، التعامل المبني على القوى العقلية عادةً يستمد حُكْمهُ من الاستدلالات والبراهين، ومن المؤسف الاّ يقوم الانسان باستخدام هذه النعمة الالهية لو بالجزء اليسير من الإمكانيات الهائلة المودعة فيها، حيث يقر العلماء بأن اكبر طاقة استُخدمت من العقل تمثل ٢٪ من امكانياته وقدراته، ومن الخطأ ان يعتقد البعض بأن القدرات العقلية اودعت في الانسان بنسب متفاوته.. اذ ان الاستعداد مودع في جميع البشر على حدٍ سواء ولكن نسبة الاستفادة من هذه الطاقة متفاوت بحسب استغلال الانسان نفسه لها.

العاطفة .. تعرف العاطفة في علم النفس على انها" استعدادٌ نفسي ينزعُ بصاحبه الى الشعور بإنفعالات معينة والقيام بسلوك خاص حيال فكرة او شيء" .. العاطفة خاضعة للقلب ويعبّر عنها الشيخ محمد تقي فلسفي بأن العاطفة تتبحر في باطن الحياة كما ان العقل يتمعن بظاهرها، وهي اخطر ما يوجه الانسان في حال غياب دور العقل في التوجيه، اذ ان التصرفات التي تنتج عن المواقف وتتصرف فيها العاطفة غالباً ماتكون قد بُنيت على الأهواء والانفعالات، ولسبب عدم قدرة الجميع على استغلال القوة العقلية بالشكل السليم يكون دور العاطفة اكثر بروزاً وتأثيراً اتجاه المواقف والاحداث، ولا يعني انها لا تخضع مطلقاً للعقل بل يمكن لها ذلك وهذا مانطلبه..

وينبغي الاشارة الى ان الإفراط في الخضوع للعواطف دون تدخل العقل كعامل موازنة يعتبر من مأزمات التفاعل مع المجتمع .. وخصوصاً لفئة الشباب حيث يشير علماء النفس ان فئة الشباب هم اكثر من يخضع للعاطفة نتيجة انتقالهم من مرحلة الطفولة والتي تعتبر مرحلة تدرج العواطف من عدم الإحساس بأهميتها إلى مرحلة محاولة لفت الأنظار وجذب اهتمام الاخرين وكسب تعاطفهم وودهم.

الحب من العاطفة والإفراط فيه يوقع في المتاعب، الغضب من العاطفة والإفراط فيه يوقع في المتاعب، الحزن من العاطفة والإفراط فيه يوقع في المتاعب، ولو أخذ العقل دوره في كل موقف من هذه المواقف لأدرك قول الامير ع :"أحبب حبيبك هوناً ما" في الحب، ولأدرك قول المصطفى ص لذلك الأعرابي الذي طلب النصح منه لاكثر من مرة وكان جواب النبي الأكرم ص في كل مرة انه "لا تغضب"، وكذلك هو الحال في كل موقف عاطفي.

لا يخفَ على احد ان لكل من العقل والعاطفة دور في عملية التفاعل والتعاطي مع المواقف، فيجب ان يوضع كلا منهما في موقعه دون إفراط او تفريط، كل ما يحتاجه الشاب هو عملية السيطرة على تلك العواطف والانفعالات من خلال تحكيم العقل ولو بالمحاولة والتدريب، وذلك لا يكون الا شعوراً منّا بأهمية وخطورة الاعتماد الكلي على العواطف والانصياع لأوامرها في التفاعل مع المواقف.

 

السبت، 3 سبتمبر 2011

 .. ( مابين التربية والابداع ) .. 


ان الإبداع يعتبر مظهر تميز يصبغ العمل الذي تتوفر فيه شروط عدة ومنها الحداثة و المنفعة، وكل من يعمل في مجالات الحياة المختلفة يسعى جاهداً لان يكون عمله مميزاً وابداعياً شعوراً منه بعطاءه للمجتمع والذي يُشعر الانسان بالارتياح والانتعاش النفسي في مقابل هذا العطاء، ورؤية اثره وبصمته على المجتمع.

ان عامل التربية يعتبر العامل الاول المؤثر في استخراج هذه الطاقات وصقلها بالشكل السليم وتقديمها للمجتمع على انها احد مخرجات التربية السليمة، وقد تقوم الاسرة بهذا الدور التربوي ويتمثل دورها بالتربية الموجهة اويقوم به الاصدقاء بعملية التربية الغير موجهة وهي الاكثر تأثيرا في مرحلة الشباب، اما الاسرة فيمكن دورها القوي بالتأسيس حتى يضع الشاب اولى خطواته في طريق الاستقلال بحياته الشخصية، فلابد ان نعلم ان هناك ارتباط وثيق بين عملية التربية والتنشئة وعملية العطاء والابداع.

يقسم علماء التربية عملية التربية الى نوعين وهما: التربية التلقينية والتربية النقدية، وكان هذا الاستنتاج يرجع لوجود ملكتين في عقل الانسان وهما ملكة الذاكرة والحفظ وملكة البحث والتحري، وللأسف ان اغلب المؤسسات التعليمية وكذلك اغلب الأسر تعتمد بشكل كبير على ملكة الذاكرة والحفظ بحيث يحاول الاب ان يشكل ابنه بشاكلته دون نقاش او حوار .. حتى لا يقع الابن ضحية للتجارب الخاطئة ، او فقدان الثقة بالابناء نتيجة خبراتهم المتواضعة في الحياة، فتتكون الشخصيات المنسوخة من الشخصية الاصل بطباعها وسلوكها نتيجة التلقين في عملية التربية، اما لو كان الاب يسمح بالنقاش او الحوار لاستخرجنا عقولاً باحثة ومفكرة تسعى للتطور ولا ترض ببساطة الطموح، بل تسعى للابتكار والابداع.

كذلك هو الحال في العملية التعليمية، فالطالب يسعى لان يحفظ المادة العلمية لينجح ومن بعد ذلك يرمي ماتعلمه في سلة النسيان وكأنه شيئاً لم يكن ويرجع ذلك الى التربية التلقينية التي تبتعد عن النقاش والحوار من اجل إيصال المعلومة عن قناعة وتفكير.

علينا ان نزع في أبناءنا روح النقد والملاحظة والبحث حتى تتكون تلك الشخصية المستقلة برأيها والتي تسعى لان تحمل مايمكن تقديمه من افكار وملاحظات في سبيل التطور والابداع.

وللاطلاع على بحث تفصيلي في هذا المجال يمكن مراجعة محاضرة السيد منير الخباز والتي تحمل عنوان ( النقد بين الضرورية والاشكالية ).

الخميس، 1 سبتمبر 2011

عقيدة وتعايش

نعيش نحن اليوم في مجتمع يضم اطياف مختلفة تختلف بحسب البيئة حضرية كانت ام بدوية، وتختلف باختلاف الأديان كمسلميها ومسيحييها، وغيره من الاختلافات الطبيعية التي تعتبر اساس تكوين اي مجتمع من المجتمعات، ومن المعقول في ظل هذا التنوع الذي يعيشه المجتمع ان تقع بعض الاختلافات نتيجة تباين الأفكار والمعتقدات التي تقوم عليها كل مجموعة من هذه المجموعات.
وحيث ان هذا المجتمع يحمل نسيجه المتباين منذ زمن بعيد فلا يحق لأي فئة ان تلغي فئة اخرى لمجرد الاختلاف معها في محور من المحاور او نقطة من النقاط، فلا سبيل للحفاظ على هذا المجتمع الا بالتعايش، وأقصد بالتعايش هنا هو حفاظ كل طرف على إيمانه بما يعتقد دون التعرض لمعتقدات الاخرين بسوء والتعامل مع الطرف الاخر على اساس " اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق "، ان الاخذ بمبدأ التعايش يجنب المجتمع الوقوع في هاوية النزاعات والصراعات التي تفقد المجتمع احد اهم مقوماته وحاجاته وهو الشعور بالأمن، فبعد فقد الامن اي حياة تُرتجى وأي عطاء وتقدم يُطلب ، اذ ان الشعور بالأمن احد اهم اسباب استقرار المجتمعات.


وفي الآونة الاخيرة لوحظ ان بعض مِن مَن يحمل الفكر المتطور الذي ينبذ كل انواع التعصب - وهذا اتهام للمتدينيين بانهم متشددون ومتعصبون - قد ينسلخ من جلده ومن مجتمعه، او قد لا يتفاعل مع اي قضية تتعلق بمعتقده طلباً لمنصب دنيوي او ارضاءً للغير، والركون الى الحجة التي تقول بأن خط التدين وخط المواطنة لا يلتقيان، فطالما يُنسب الشخص الى التدين فهو سبب لتمزيق المجتمع بالفرقة الطائفية، ومع احترامي لهذا الرأي لكن اجد فيه الكثير من الخلل في فهم التدين إمّا قصوراً او تقصيراً، فهاهو نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول " حب الأوطان من الايمان " وهذا دليل على ان المواطنة هي فرع التدين، فالدين هو الذي يدفع سلوكنا نحو التعامل مع الغير وفق الاحترام والدعوة الى حب الأوطان واعتبارها من الايمان.


وأما القيام بهذا التصرف ارضاءً للذات او لكسب مصالح دنيوية، فمن الغباء ان يقوم المرء بخلق اعتبار وكيان لنفسه امام رب العزة والجلالة، فسعينا في هذه الحياة - للمتعقل- يجب ان يكون في ما امر الله سبحانه وتعالى، لا حسب ماتملي علينا اهواءنا، ان كان سعينا لخير الدنيا والآخرة علينا ان نضع جانباً إرضاء المخلوقين والسعي الجهيد لإرضاء الخالق جل وعلا،
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ ### وبيني وبين العالمين خرابُ


ويعلم كلنا ان من ينسلخ من جلدته ابتغاء إرضاء الاخرين سيلفظه الجميع بسبب انه في حال تنكره لمن ينتمي اليهم فمن المسلّم ان يقوم هذا الفرد بأي فعل مماثل في المستقبل وفق ما تمليه مصلحته الشخصية.
قال الامام الصادق (ع): ستصيبكم شبهةٌ فتبقون بلا علم يُرى ولا إمام هدى ، لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق ..
وهو:
(( يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ))