الأحد، 1 ديسمبر 2013




طُويَت في الأيام الماضية صفحة المحفل الثقافي الذي ينتظره القراء بفئاتهم المختلفة من عام إلى عام بشوق ولهفة ليتجولوا بين العقول المختلفة وما تقدمه على المستويات المتنوعة الفكرية والاجتماعية والثقافية والسياسية والروائية، عشرة أيام إكتضت بجموع القراء الذين تزينوا بتاج الثقافة في مختلف الحقول، ولوهلة من الزمن قد يستشعر المرء مقدار الفخر والإعتزاز الذي ينتابه وهو يبصر المجتمع بكل فئاته قد بات ممن يحتضن الكتاب في زمن استبدلت فيه الكتب بوسائل المعرفة الإلكترونية، اتجاه المجتمع للكتاب والجموع الغفيرة التي توافدت لزيارة معرض الكويت الدولي الـ 38 للكتاب يدلل على تقدير دور الكتاب وأثره في تغيير مناهج الحياة ورفع مقدار الحصيلة الثقافية للقراء والمطلّعين.

-

ولكن الظاهرة التي استوقفتني في هذا المعرض على وجه الخصوص هو انتشار ظاهرة الرواية الشبابية، وحركة المؤلفين الشباب التي كانت جليّة لكل من زار معرض الكويت الدولي الـ 38 للكتاب وهي في حال النظر إلى عموم الظاهرة فهي حركة إيجابية تدلل على ثورة تأليفية في عالم الرواية، ولكن وبكل أسف من خلال التجول السريع في ذلك العالم كان واضحاً جداً أن أغلب من دخل ذلك العالم ممن لا صلة له فيه، وفي الغالب دافع الشهرة هو المحرك لتلك الأقلام، إذ أن تسلل الرواية الهابطة فكراً وألفاظاً بل وقد تتعدى إلى الإنحطاط في بعض الأحيان فضلاً عن أن بعض الروايات قد كُتبت بألفاظٍ عاميّة!! قد بدأ بالانتشار، وقد كان الإقبال على معرض الكتاب في عامه هذا بنسبة لايستهان بها من زائريه هم من مريدي تلك الروايات، ومن وجهة نظري القاصرة قبول تلك الأعمال بمستواها المتدني لا يعد من الثقافية في شيء ولا يدلل على ثقافة مجتمعية أبداً، بل ينبأ عن خطر قادم يهدد ثقافة المجتمع فيتّسم بالسطحية والسخافة عن طريق الحجر على المؤلفات ذات القيمة الثقافية أو الأدبية العالية والسماح للركيك منها أن يأخذ مسلكه نحو عقول القراء فتصبح الأصالة غريبة نتيجة منعها وينتشر التسطيح نتيجة الترويج له وقبوله.

-

ينبغي التركيز على البناء الثقافي الذي تنطلق منها جُلّ الروايات التي لاتخلو عادة من الفائدة النسبية في معدل الثقافة، وتوعية المجتمع بعدم قبول سوء الأفكار والإسفاف في الألفاظ واستخدام التعابير الغير مقبولة والسماح لها بالانتشار لتدخل ضمن الثقافة المجتمعية لتصبح جزءاً منه.. الحجر على العقول مرفوض ولكن الحفاظ على ثقافة المجتمع ورقيّه أمرٌ مطلوب ٌ أيضاً.

الخميس، 7 نوفمبر 2013





:: السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى أخيه أبي الفضل العباس وأخته الحوراء زينب ::

لكل حركة إصلاحية مظاهر تدلل عليها، ولكل إدعاء دلائل تشير إلى مصداقيته، وفي ظل تفاقم ظاهرة الثورات على مر العصور وتبنيها لأطروحته تنّم عن جوانب مشرقة تدّعيها -ولو بشكل ظاهري- قد يُكشف عن مصداقيتها مع تقادم الوقت، تقف نهضة الحسين (عليه السلام) بكل شموخ وعزّه لتأصيل مبدأ الإصلاح والثبات على الحق فضلاً عن المواقف التي تجلت بها الصفات الإلهية فكانت تجري مجرى الدم في في العروق..

-

وفي النظر إلى معالم النهضة الإلهية المقدسة، نرى حضوراً جلياً للثابت على المبدأ الحق الذي مثٌل المحور المؤثر والقوة المحركة لأصل النهضة المباركة لسيد الشهداء (عليه السلام)، ومهما حاول المستشرقون وغيرهم من تشويه أصل الانطلاق ومحاولة تصويرها على أنها صراع أزليّ قادم من أمد بعيد يبحث عن سلطة أو حكم، إلاّ أن خطابات سيد الشهداء (عليه السلام) قادرة على أن تزعزع أركان تلك الشبهات الواهية بما لايدع مجالاً للشك في قداسة المبدأ وسلامة المنطلق .. « ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه؟ فليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا».

-

وبعد أن عاشت الأمة في سبات الغفلة والرضوخ للطاغوت، كان لزاماً عليها أن تصحوا من سباتها بصدمة تنفخ الروح في جسدها من جديد، كان يرى سيد الشهداء (عليه السلام) أن السير في طريق الشهادة هو السبيل لاستنهاض الأمة، وإنعاش إسلامها المحمدي بعد أن زُيّف بفعل السلطة الجائرة وتغيّرت معالمه الإلهية ..  « على الإسلام السلام ، إذ بُليت الأمة براع مثل يزيد» .

-

ولم يكتف الإمام الحسين (عليه السلام) بـاستشعار حالة الرغبة لصحوة الأمة من سباتها بل بادر بخطوات عملية في التحرك نحو هذا الاتجاه ويأتي الاختيار من ضمن تلك الخطوات وأعني به اختيار الأفراد الذين ساهموا في أن ينتصر الدم على السيف، فلم تكن نهضة سيد الشهداء (عليه السلام) نهضة بناء بقدر كونها نهضة تصحيحية تعتمد بشكل كليّ على أُناس صفت قلوبهم لذكر الله والذود عن دينه الذي ارتضاه لعباده دون الحاجة لمن شوهت الدنيا فطرتهم وتعلقوا بحبائلها المتدلية من جاه ومال وسلطه، « إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » .. وهذا ما دلل عليه الامام الحسين (عليه السلام) في قوله «فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي».

-

ولا ينبغي التغافل عن الدور الإعلامي الذي قامت به عقيلة بني هاشم والإمام زين العابدين (عليهما السلام) في إيصال صدى النهضة عبر الزمن لتبقى حية متجددة كل عام لتسمع العالم بأسره وعبر الأجيال المتعاقبة بأن سيد الشهداء (عليه السلام) ثائر أتى ليُحيي الامم بعد موتها ولتبقى نهضته ملهمة الدهر عبر العصور ..   



      



السبت، 12 أكتوبر 2013



أيام قلائل ويقف حجاج بيت الله الحرام في صحراء عرفات، تحت حرارة شمسها وعلى لهيب ترابها، في مشهد تتجلى فيه مشاهد الحشر، يقف جموع الحجيج وخطاياهم بين يديهم يقدمونها ممزوجة بدموع الاعتذار وآهات الحسرة (أنا يا اِلهَي الْمُعَتَرِفُ بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لي، اَنَا الَّذي اَسَأتُ، اَنَا الَّذي اَخْطَأتُ، اَنَا الَّذي هَمَمْتُ، اَنَا الَّذي جَهِلْتُ، اَنَا الَّذي غَفِلْتُ، اَنَا الَّذي سَهَوْتُ، اَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، اَنَا الَّذي تَعَمَّدْتُ، اَنَا الَّذي وَعَدْتُ، َاَنَا الَّذي اَخْلَفْتُ، اَنَا الَّذي نَكَثْتُ، اَنَا الَّذي اَقْرَرْتُ، اَنَا الَّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدي، وَاَبُوءُ بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لي .. ) راجين في ذلك من أكرم الأكرمين قبول العفو وكرم الصفح قبل الوقوف في ساحة المحكمة الإلهية العظمى في يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.

-

           صعيد عرفات .. محطة تنسلخ منها النفس البشرية عن بهيميتها، وتطهيرها من ذنوبها ومعاصيها التي حجبتها عن الوصول لهدف الوجود وهو الجمال المطلق والحقيقة المطلقة بعبودية صادقة خالصة لا تشوبها الشوائب، وهل لله تعالى حدود تعالى الله عن ذلك - تدركها الحواس حتى يصل العبد لربه تبارك وتعالى!!، إنما يكون ذلك بإدراك قلبي نابع عن إدراك مظاهر لطفه تبارك وتعالى وهم أهل البيت (ع)، فبهم يتوجه العبد إلى الله عز وجل وإلى دينه ومعرفته، ألم يرد في الحديث الشريف عن الإمام الرضا (ع) قال: من زار قبر أبي عبدالله (ع) بشط الفرات كمن زار الله فوق عرشه[1]..

-

فمن صحراء القداسة إلى صحراء الشهادة حيث يزحف الملايين من البشر قاصدين كعبة العشّاق.. ذلك الثائر الذي حمل روح المشعر الحرام في ركبه فاحتضن بين جنبيه التوحيد الخالص والعبودية الكاملة، فانطلق ليرسم ملحمة الخلود الأبدي ..إلهي تركت الخلق طُرّا في هواك .. وأيتمت العيال لكي أراك .. فلو قطّعتني بالحب إرباً .. لما حنّ الفؤاد إلى سواك..، لا غرابة في أن تنبع تلك الكلمات من الإمام الحسين (ع) ولو من باب لسان الحال الذي ينقله خطباء المنابر فلو تصفحنا دعاء الإمام الحسين (ع) يوم عرفة لاستشعرنا كم كانت حقيقة التوحيد متأصلة في أعماقه (ع)، وماكانت إنطلاقة الخلود والسير في درب الشهادة إلاّ مصداقاً لحالة العشق التي كانت تسري في دمه الطاهر (ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ، وَمَا الَّذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً .. )
فمن صحراء القداسة إلى صحراء الشهادة كانت حكاية الخلود تتجلى في كعبة العاشقين ..



[1] تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي

الأحد، 6 أكتوبر 2013




ها هي الأعوام تتوالى، والسنون تتلوها السنون، وذكرى الحسين a تتجدد غضة طريّة في كل عام، باقية تضرب بجذورها في عمق التاريخ مذكّرة العالم بإنتصار الدم على السيف، وغلبة الحق على الباطل، الحق الذي تجسد في الحسين ع، فهو عين الإيمان وحقيقته، وما أعداؤه إلاّ عين الكفر وحقيقته، فلا يزال الحسين a مخترقاً نواميس الطبيعة حتى غدت ذكراه حيّة يلهج بها المحبون في كل حين وحرارتها في أفئدتهم لا تنطفئ أبدا.

-

في ذاك الزمان.. حين غُيّبت معالم الدين، وتفشى الفساد في أرجاء البلاد، ولم يأمن المظلوم من العباد، حينما كانت تعيش الأمة سباتاً غيّب تعاليمها الدينية، لم تقبل تلك الفطرة الإلهية النقية بحياة تُنتهك فيها شريعة السماء، بل لم يكن يرى الإمام الحسين a الأمة إلا وقد غرقت في وحل الانفلات والانحراف، والطاغوت يعبث بدين الله الذي بات لعق على ألسنة البشر، حينها لبىّ الحسين ع نداء الشهادة مرخصاً روحه الطاهرة والأنفس الزكية التي سعت في ركبه ليكونوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

-

          وقائع سجلها التاريخ بحبرٍ أحمر، قد رسمت أحداثها لوحة ملؤها البؤس والحزن والألم، هي كذلك فعلاً .. لكن أمعن النظر .. هل ترى شموخ عليّ ع وعزّة العباس ع، ألا تسمع ذلك الدوي الذي يملأ الخافقين، ألا تسمع النداء الزينبيّ، ألا تسمع نداء الصابرة المحتسبة .. خذ يارب حتى ترضى.. نعم هي زينب بنت فاطمة (عليهما السلام)

-

          فلا تزال الأمة تعيش في كنف الإمتنان لتلك الدماء الزكيات، التي أهرقت لأجل الحق والعدالة فاستقام الدين بها بعد أن انتهكها طاغوت ذلك الزمان، وما تلك المراسم العزائية العالمية والشعائر الحسينية إلا نزر يسير من حق عظيم الدهر (الحسين بن علي عليهما السلام) على البشرية بل هو إلى التقصير أقرب .. إن الإمام الحسين a يمثل الكمال في الأرض ولا غرابة في أن يعجز الناقص وهم البشر عن أداء حق كامل أعطى الله كل شيء فأعطاه الله كل شيء.

-

          لنتجتهد كلٌ من موقعه لنقدم قرابين الحب والولاء لإمامنا ع في شهر محرم الحرام حتى نكون ممن شملهم دعاء الإمام جعفر بن محمد الصادق a "أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا"..

الاثنين، 18 مارس 2013

:: رؤى .. بعد عام ::


عام قد مضى ولازلت أسترق النظرة تلو النظرة على ذلك الكتاب الذي به وضعت قدمي على طريق العمل بعيداً عن التسويف واللامبالاة وألتزم مسؤوليتي اتجاه ديني أولاً واتجاه ذاتي ثانياً، ولا أخفيكم سراً  أني كلما نظرت إلى (رؤى) وقد احتظنته يد طفلتي الصغيرة عابثة به وهي ترى صورة أبيها قد طُبعت على ظهر الكتاب واسترجعت تلك الذكريات التي رافقتي في تأليف رؤى أشعر بالفخر حيال الخبرة التي اكتسبتها نتيجة البحث والسؤال والمطالعة المتنوعة والتي ساهمت في بناء جزء من ثقافتي الشخصية على الصعيد الرسالي والاجتماعي .. رؤى تعبير عن الصراع الذي يعيشه مجموعة من الشباب -وأنا أحدهم- نتيجة تجاهل الطاقات والقدرات التي يمكن أن يسمو العمل من خلالها ويشقّ طريقه نحو التكامل دون إلغاء، فمن عمل رسالي إلى آخر تطوعي تشكلت تلك الصفحات .. رؤى رسالة استشعرتُ الحاجة إلى إن أعيها جيداً لأساهم في النهوض بالمجتمع ولو بشكل فردي بطيئ تحملاً مني للمسؤولية..
-
رؤى .. شكلّت مرحلةً من مراحل عمري التي لا يمكن أن أتجاهلها وإن اخْتَلًفتْ في المستقبل، واختلافها طبيعي بتقادم العمر ومرور الزمن وتراكم الخبرات وتوسع الثقافة، لا أدعي الكمال في البحث ولكن سعيت جاهداً في وضع النقاط على الحروف وتبيان الواقع دون مجاملة أو محاباة، فلابدّ من صدمةٍ توقضنا من سباتنا، قد لا يتفق معي البعض فيما كتبت، وقد يوافقني البعض الآخر، يبقى في نهاية الأمر اجتهاداً يوضع في كفتيّ الميزان وكلاً له حساباته في ترجيح إمّا كفة الصواب أو الخطأ..أقدمت على خطوة تأليف الكتاب وأنا أعلم علم اليقين بأنه طريق ذات الشوكة بل وأن أحد الإخوة قد قالها بملئ الفم (هل أنت مستعد للمواجهة ؟)، ولكن العمل يستلزم النقد، فطالما أنك تعمل فإن نقد البعض نتيجة طبيعية ..
-
ومابين النقد والتشجيع..فإني أتوجه بالشكر الجزيل لجميع من أعانني بنقد بنّاء بعيداً عن الشخصنة والتجريح مستمسكين بنهج أمير المؤمنين (ع) :أنظر إلى ما قيل، ولا تنظر إلى من قال .. "، كما إني أعجز عن شكر اللفتة الأبوية لسماحة آية الله السيد حسين المدرسي حفظه الله على ماخطته يداه المباركة في تقديم الكتاب والذي كان له أثر السحر في تشجيعي على الاستمرار، ومما لم أفصح عنه في السابق ويُطرح للمرة الأولى بشكل علني هو المتابعة المستمرة والتدقيق والتشجيع الذي أحاطني به سماحة الشيخ علي العبّود حفظه الله طيلة مرحلة التأليف، فبه كان عودي قوياً وبرأيه استطعت أن أقف أمام الروح الانهزامية للبعض وما يبثون من رسائل سلبية فسماحة الشيخ هو الأخ الأكبر الذي ألتجئ إليه في كل الأحوال ، صدره الرحب كان ولا يزال يسعني في السرّاء والضرّاء .. شكرًا سماحة الشيخ، ولا يخفى على الجميع الدور الذي أكن له كل الإمتنان والتقدير لمن احاطوني بمشاعر الحب والود والتحفيز لأكمل تلك الأوراق التي كان تدوينها يتجه نحو المذكرات الشخصية فتحولت إلى ما هي عليه الآن  ..
                  نعم .. "العوائق تقف ضد عطاءنا إلاّ أننا نملك الإرادة التي تساعدنا على تخطي هذه الصعاب"

الجمعة، 15 مارس 2013

::إنتظار أم صناعة.. ::



( الفرص تأتي متنكرة وتذهب ساخرة .. السيد هادي المدرسي )
إدّعادٌ كثير مايطرق أسماعنا نداءه، جمع ليس بالقليل من الناس يخرّ راكعاً لجبروت الظروف التي تفرض ذاتها بقوة في الحياة بين الحين والآخر، (لماذا لم تفعل ؟) .. الجواب حاضر لهذا السؤال دائماً متستر بوهم ألا وهو "الفرصة لم تكن سانحه !!"، الاستسلام هي النتيجة، والخمول هو المظهر بيد أنه لو تأملنا الحالة الواقعية لكل فرد على حده لتوصلّنا أن الخذلان الذاتي هو أحد الأعداء المسببة لضياع الفرص بأوجه عدّة كـ عدم الكفاءة والأهلية، نعيش الأوهام تلو الأوهام حتى نؤمن بها فننظر إليها بعين الإنكسار ونهمس .. "إنها حقيقتنا المرّة!!"، وهل السراب يا سادة إلاّ إنتظار أن يقوم الفرد بإنقلاب على ذاته المستسلمة وهو قابع تحت رحمة ظروفه وما يمليه عليه القدر !!!.
-
ولعل الدافع لتناول الفرص في مقال مختصر هو الانحدار الذي تهوي إليه فئة كبيرة من شريحة البشر بفعل الرضا بواقع مرير يُعاش بتغافل أو خديعة، ولا يأبه لأي محاولة قد تغير من ذلك الواقع، فهل وجود الفرص للإنتقال من حال إلى حال هو من قبيل الصدفة ؟ هل وجود الفرص يعتمد على عوامل تساهم في وفرتها ؟ هل وجود الفرص متكافئ للجميع؟، أعتقد من المغالطة الإعتقاد بأن الفرص تتزيّن بكل جلال وجمال وتخاطب الجماهير المترقبة "أقبلوا  إليّ .. " الفرص لا تكون إلاّ صنيعة عوامل ساهمت في وجودها وحضورها لفئة دون أخرى، تبدأ بالسعي العملي في المجال الذي يسلكه الفرد مروراً بالاتقان وصولاً للتميز، فمتى ماتهيأت الظروف لاح نجم الفرصة في الأفق، وقد قرأت تعبيراً جميلاً حول الفرص.. " الفرص عزيزة النفس، لا تبالي بمن لا يبالي بها .. "، ومن المعلوم أن الفرص تأتي متنكرة لا يُعلم لها وقت فمن يرغب باقتناصها عليه أن يكون على أهبة الاستعداد .. من يرغب في استقبال الضيوف في داره عليه أن يهيأ المكان وأداوت الضيافة وما إلى ذلك ممل يدل على استعداد لإستقبال الضيوف لا أن يعمل على التجهيز في حال حضور الضيوف، فأهم مايمكن القيام به لإصطياد الفرص هو الاستعداد والاستعداد والاستعداد، الفرص وجودها متكافئ للجميع، لاتختص بشريحة وتحجب ظهورها عن شريحة أخرى، ولكن الفارق هو في السعي والاستعداد.
-
ومما ينبغي الإلتفات له الحرص على إستغلال الفرص المتوافقة مع جملة المبادئ والأهداف الإستغلال السليم وبصورة مثلى فإنها تمرُّ مرّ السّحاب كما ورد في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وتجنب الجمود على شروط تبيقنا قيد انتظار الفرصة تلو الأخرى بحجة أنها غير مناسبة أو لا تتوافق مع الشروط التفصيلية التي يمكن أن نتعامل معها بمرونة وتطويعها بما يتناسب مع تطلعات الفرد، وكذلك ينبغي الحذر من الوقوع في فخ الغصّة والركون إلى الإحباط لضياع الفرص أو حتى اللحاق بالفرص الفائتة التي من شأنها الإنشغال بما لارجعة له، الفرص لها أشكال مختلفة، وأنواع مختلفة، وأوقات مختلفة، لنعتبر من فوات الفرص ونحولها إلى دوافع لاقتناص القادم منها ..

الأحد، 10 مارس 2013

:: العزلة .. بين السلب والإيجاب ::

الإنعزال أحد أبرز السمات التي تبدو واضحة بشكل جليّ على بعض الأفراد الذين يتلقون ضربات من هنا وهناك قد تكون موجعة ولو بشكل نسبي نتيجة الإحتكاك في ايطار المحيط، كما أن الفرد يركن إلى الانعزال وفق النظرة التي يتبناها اتجاه هذا المفهوم،  فهناك من يرى الإنعزال هروباً من مواجهة الواقع إذ أن الحياة قائمة على هذه المواجهة بين الحق والباطل، بين العدل والظلم، بين الصحيح والخاطئ، والركون للإنعزال يعدّ ضعفاً وهرباً من تلك المواجهة، وقد يراها البعض الآخر على أنها مرحلة مستحقة لإعادة النظر في بعض المواقف والاتجاهات والأفكار، فهي مرحلة يستلزم الوقوف عندها لتصحيح ماسبق من المسار وتقييمه للانطلاق من جديد، ومنهم من يرى بأن الانعزال أصل بحيث أن لا حاجة للإحتكاك مع مجتمع مليء بالسلبيات بل الابتعاد هو الأسلم خوف التأثر  وغلبة الأطباع السلبية نتيجة المعايشة القهرية ..
-
يتبين من خلال العرض السابق أن للعزلة شكلان يتبناهما الناس وهما العزلة الدائمة الناتجة عن ردود الفعل السلبية من المجتمع، والعزلة المؤقتة، ولو سلطنا الضوء على روايات أهل البيت (ع) نرى بأن العزلة كانت حاضرة في كلماتهم (ع) بشكل من الأشكال، فعن الرسول الأعظم (ص) :" العزلة عبادة"، وعن أمير المؤمنين (ع) :" من اعتزل الناس سلم من شرهم"، وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال لمّا سُئل عن اعتزاله:" فسد الزمان، وتغيّر الإخوان، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد .. "، وبلحاظ ما ورد عن الأئمة (ع) أنهم يدعون إلى العزلة ولكن العزلة المنافية للرهبنة والتي تشكل المفهوم السلبي للعزلة بمعنى الانقطاع والابتعاد، حيث أن مايستشف من الروايات المباركة هو الابتعاد عن الأوساط التي توجب البُعد عن ربّ العزّة والجلالة، ومايشكل حاجزاً مانعاً عن قرب العبد من ربه، ولا يعني الانعزال عن الأجواء الايمانية المقربة من الحق تبارك وتعالى أمّا الإنعزال الدائم بدعوى الرهبنة والتفرغ للعبادة واعتزال المجتمع بما فيه من سلب وايجاب فهو ماترفضه الشريعة المقدسة ولا يمكن أن تدعو إليه، ونستدل على ذلك من قول المصطفى (ص) :"لا رهبانية في الإسلام ، رهبانية أمتي الجهاد" ..
-
وأما العزلة التي ينبغي أن نلتفت إليها هي تلك العزلة الإيجابية، التي يسعى الفرد من خلالها أن يعيد ترميم العلاقة بينه وبين ربه، بينه وبين ذاته، بينه وبين مجتمعه .. لابد من تلك الوقفات، فنتيجة لكثرة مشاغل الحياة وتزايد المسؤوليات بتقدم العمر قد يسقط العبد في ظلمات الغفلة في علاقته بالمعبود تبارك وتعالى على مستوى المعرفة أو العبادة، فمحاسبة النفس تعتبر محطة توقف توجب العزلة المؤقتة ليقيّم الفرد علاقته بالله جلّ وعلا، كما هو الحال أيضاً بالنسبة للعلاقة بين المرء وذاته فوجود بعض التقصير في الجوانب الثقافية أو الاجتماعية في حياة الأفراد الشخصية تحتاج لإعادة تأهيل وتطوير وتصل في بعض الأحيان لعميلة بناء جديدة على المستويات المختلفة، أما بالنسبة لعزلة الفرد عن المجتمع بالعزلة المؤقته تكمن في أن الابتعاد ضرورة يرى من خلالها الفرد المجتمع من زاوية لا يراها وهو متوغل في أعماق ذلك المجتمع ومن المعلوم أن المواجهة المباشرة مع مشكلات المجتمع ومحاولة التغلب عليها تحتاج بين الحين والآخر لعملية صفاء الذهن والذي يكون نتيجة الانعزال المؤقت والتي يكون الفرد فيها ذو تأثير واضح وفعّال على محيطه، وبذلك تكون العزلة المؤقته هي جزء من دور الفرد في تأثيره على مجتمعه.
ومن هنا يمكن تلخيص الهدف من وجود عزلة ايجابيه مؤقته بالنقاط التالية :
1. إعادة تقييم العلاقة بين العبد وربه بمحاسبة النفس والنظر في تقصيرها اتجاه المعبود سبحانه وتعالى.
2. وقفة لتقييم الماضي والنظر إلى المستقبل وفق خطوات تدل على وعي ودراية بهدف وجود الفرد وما يسعى إليه في هذه الحياة.
3. إعادة صياغة الفرد وتقديمه للمجتمع بشكل جديد على أن يكون قد ساهم هذا الإنعزال من تطوير أدواته وأدائه وفاعليته في المجتمع.

الاثنين، 4 فبراير 2013

:: الوحدة بمفهومها السلبي ::

إنقضت في الأيام القلائل السابقة ذكرى ميلاد نبي الرحمة الذي بعثة الباري جل وعلا لينتشل البشرية من ظلمات الجاهلية ويدخلها في النور الإلهي ليضع لها وفق القواعد الإلهية أسس السعادة الأبدية والوصول إلى الكمال المطلق وهو الله سبحانة وتعالى، وتتزامن هذه الذكرى المباركة مع دعوة السيد الخميني (قده) لإسبوع الوحدة الإسلامية التي أصبحت شعاراً يُرفع للتقارب بين المذاهب الإسلامية .. ولكن ياتُرى ماهي الأسس والمرتكزات التي تقوم عليها هذه الوحدة وإلى ما يستند القائمون على هذه البرامج في وقتنا الحاضر ؟!
-
قد يلتبس على البعض المفهوم الفضفاض للوحدة ويتفاوت استيعابها من فرد لآخر فهل الوحدة هي القفز على بعض المعتقدات وغض الطرف عنها في سبيل إرضاء أطرافاً أخرى!، هل هي التنكر لبعض المسلمات التي أرسى قواعدها مراجعنا العظام وعلماؤنا الأعلام!، وهل سيميل الطرف الآخر بدرجة الميل ذاتها لتحقيق الوحدة المطلوبة!
-
إن كان الجواب بأن هذه الوحدة تسعى للتسامي على الخلافات العقدية التي يؤمن بها الطرفان والعيش دون تعدي فئة على الأخرى والوقوف على المعتقدات كما هي دون المساس بها بحيث يقبل كل طرف الطرف الآخر من باب (إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) كما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فهو (التعايش) إذن ..
-
وللأسف أن السمة البارزة وما يلاحظ على بعض البرامج التي تقام تحت مسمى (الوحدة) لاتخرج عن كونها مهرجانات تمثل فقاعة إعلامية لاتعمل على ترسيخ أي من القواعد السليمة والمتثلة بالحوار للوصول إلى اتفاق حقيقي أو كونها تُرسم لأهداف وغايات سياسية خالصة تهدف لخدمة مصلحية آنية ولا يختلف إثنان أن كلا السمتين ستنهار مع أول تضاد في وجهات النظر والشواهد على ذلك كثيرة.. فلا سبيل إلى هذا المطلب إلاّ بالجلوس على طاولة الحوار والتباحث في أصل الاتفاق والاختلاف مع التمسك بالمعتقدات الحقّة وعدم تجاهل الأسس الإسلامية الأصيلة المتمثلة بالقرآن والعترة الطاهرة.
-
وقبل كل ذلك من المفترض الوقوف على ترتيب البيت الداخلي وإزالة كافة حواجز الإختلاف الذي يربك الصف ويشق وحدته، فمن غير المعقول السعي لتوحيد الجبهة الخارجية والتغافل عن الخلاف والتفكك الذي يمزق الجبهة الداخلية والذي أعتبره أحد أسباب فشل المساعي في الدعوة إلى الوحدة- والتي أؤكد أنها تقوم على أساس التمسك بكافة المعتقدات التي يدعمها رأي حماة المذهب من المراجع والعلماء .. وفي النهاية "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.."

الأحد، 6 يناير 2013

:: إليك ياصديقي .. ::



من منّا يصدق بأنّ صداقاتنا تحدد بعض خطوط المسار في حياتنا !، من منّا يعتقد بأنّ الصداقة لها دور فاعل في عملية التوجيه والتأثير ؟، قد يعتقد البعض بأن الشخصيات تُبنى بشكل فردي وجهد ذاتي دون معونة من أحد ولكني اكتشفت أن الصداقات تتغلغل في أعماق الأفراد فتمدهم بشيء من التوجيه وتحرك مكنونات نفوسهم لتخرج ما يملكون من قدرات تارة وتنتزع طاقاتهم تارة أخرى، فتجلى تلك الغشاوة التي حجبت المرء عن واقعه الذي فرضه على نفسه لينطلق في فضاء العمل والانجاز .
-
ومن باب قولة تعالى (  وأما بنعمة ربك فحدّث )   [1] فقد حباني الله تعالى بمنه وعطفه بأحد أهم الأحداث وأكثرهم تأثيراً في حياتي، وهي تلك الصداقة التي كان لها الدور الفاعل والأثر البارز في تغيير واقع رتيب كنت أعيشه إلى همةٍ ونشاطٍ عاليين على مستوى النفس والنشاط الاجتماعي، هذا الارتباط الذي أيقظ التفكير في هدفية الوجود وشد الانتباه نحو الشعور بالفاعلية اتجاه الأفراد والمجتمع المصغر، فكانت تلك الصفحات التي أفخر بها وهي كتابي (رؤى)، ولا أخفيكم سراً بأنني لازلت أنهل من تلك الشخصية القريبة من قلبي وأتعلم منها ..
-
عن الإمام الصادق (ع) :" من أراد الله به الخير قذف في قلبه حب الحسين (ع) وحب زيارته .." ، فإني أراه عاشقاً للحسين (ع) يسخر كل ما أوتيَ من جهد وقوة في سبيله ورفع رايته، وإن كان يرى الأشياء فإنه يراها من خلال الحسين (ع)، يملك قلماً ساحراً يعبر به عن آماله وأمانيه ورؤاه كما هي شخصيته التي تعلق بها كل من عرفه، يملك القدرة على تحريك المياه الراكدة في نفوس الشباب لتتحول إلى طوفان من الطاقة والعمل والغاية هي مرضات الله تعالى وإعلاء راية أهل البيت (ع)، طموح، خلوق، مثقف، مفعم بالنشاط والحيوية ...
-
 في ذكرى ميلاده فأنا أشكر الله سبحانه وتعالى على وجود هذه النعمة التي تركت بعصمتها في حياتي.،
:: إليك ياصديقي  .. حسين المتروك ::  في ذكرى ميلادك .. كل عام وأنت لله أقرب يا خادم الحسين (ع) .


[1] الضحى: ١١