الخميس، 1 سبتمبر 2011

عقيدة وتعايش

نعيش نحن اليوم في مجتمع يضم اطياف مختلفة تختلف بحسب البيئة حضرية كانت ام بدوية، وتختلف باختلاف الأديان كمسلميها ومسيحييها، وغيره من الاختلافات الطبيعية التي تعتبر اساس تكوين اي مجتمع من المجتمعات، ومن المعقول في ظل هذا التنوع الذي يعيشه المجتمع ان تقع بعض الاختلافات نتيجة تباين الأفكار والمعتقدات التي تقوم عليها كل مجموعة من هذه المجموعات.
وحيث ان هذا المجتمع يحمل نسيجه المتباين منذ زمن بعيد فلا يحق لأي فئة ان تلغي فئة اخرى لمجرد الاختلاف معها في محور من المحاور او نقطة من النقاط، فلا سبيل للحفاظ على هذا المجتمع الا بالتعايش، وأقصد بالتعايش هنا هو حفاظ كل طرف على إيمانه بما يعتقد دون التعرض لمعتقدات الاخرين بسوء والتعامل مع الطرف الاخر على اساس " اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق "، ان الاخذ بمبدأ التعايش يجنب المجتمع الوقوع في هاوية النزاعات والصراعات التي تفقد المجتمع احد اهم مقوماته وحاجاته وهو الشعور بالأمن، فبعد فقد الامن اي حياة تُرتجى وأي عطاء وتقدم يُطلب ، اذ ان الشعور بالأمن احد اهم اسباب استقرار المجتمعات.


وفي الآونة الاخيرة لوحظ ان بعض مِن مَن يحمل الفكر المتطور الذي ينبذ كل انواع التعصب - وهذا اتهام للمتدينيين بانهم متشددون ومتعصبون - قد ينسلخ من جلده ومن مجتمعه، او قد لا يتفاعل مع اي قضية تتعلق بمعتقده طلباً لمنصب دنيوي او ارضاءً للغير، والركون الى الحجة التي تقول بأن خط التدين وخط المواطنة لا يلتقيان، فطالما يُنسب الشخص الى التدين فهو سبب لتمزيق المجتمع بالفرقة الطائفية، ومع احترامي لهذا الرأي لكن اجد فيه الكثير من الخلل في فهم التدين إمّا قصوراً او تقصيراً، فهاهو نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول " حب الأوطان من الايمان " وهذا دليل على ان المواطنة هي فرع التدين، فالدين هو الذي يدفع سلوكنا نحو التعامل مع الغير وفق الاحترام والدعوة الى حب الأوطان واعتبارها من الايمان.


وأما القيام بهذا التصرف ارضاءً للذات او لكسب مصالح دنيوية، فمن الغباء ان يقوم المرء بخلق اعتبار وكيان لنفسه امام رب العزة والجلالة، فسعينا في هذه الحياة - للمتعقل- يجب ان يكون في ما امر الله سبحانه وتعالى، لا حسب ماتملي علينا اهواءنا، ان كان سعينا لخير الدنيا والآخرة علينا ان نضع جانباً إرضاء المخلوقين والسعي الجهيد لإرضاء الخالق جل وعلا،
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ ### وبيني وبين العالمين خرابُ


ويعلم كلنا ان من ينسلخ من جلدته ابتغاء إرضاء الاخرين سيلفظه الجميع بسبب انه في حال تنكره لمن ينتمي اليهم فمن المسلّم ان يقوم هذا الفرد بأي فعل مماثل في المستقبل وفق ما تمليه مصلحته الشخصية.
قال الامام الصادق (ع): ستصيبكم شبهةٌ فتبقون بلا علم يُرى ولا إمام هدى ، لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق ..
وهو:
(( يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ))

هناك تعليقان (2):

  1. الأستاذ أحمد فيصل ..
    تحية طيبة لك .،

    مقال متزن جداً .. وضعت يدك على أحد أسباب تخلفنا، فأصابع الإتهام التي تتهم الدين بالطائفية وغيرها من مفردات هذا العصر خاطئة بلا شك، فلا علاقة بالدين لتصرفات البعض السلبية .. ومبدئ المُقايسة خاطئ جداً، فأبواب الدين مفتوحة للجميع .. وصدر الأديان رحب لجميع الآراء والمعتقدات إن كانت سليمة، ولا نستطيع أن نلوم الدين أبداً لمحاربته لما يُسمى بـ (حرية الرأي) إن كانت سلبية وتؤثر على الوضع الإجتماعي.

    أشكرك جداً يا صديقي، نحتاجُ كثيراً أن نضع اليد على مثل هذه الأمور بين حينٍ وآخر، ومتخصص اجتماعي مثلك استأنس جداً بقراءة آراءه وتعليقاته في هذه الأمور.

    كُن بخير .،

    ردحذف
  2. " اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق " قاعدة ذهبية تصلح لكل زمان ومكان ومادونها إما افراط او تفريط , بعض الناس يفرط في أراؤه تجاه غيره ويحتسب من (المتدينين) المتشددين والاخر متساهل بكل ما ينسب لدين إرضاءً لمنصب ومكسب خاص كما عبرت عنه,وهنا يأتى دور الدولة في ترسيخ هذة القاعدة الذهبية بالقانون.فبالقانون نخلق التعايش في المجتمع هذا ما تتباهى به الدولة المدنية اليوم.فهل الدولة الاسلامية عاجزة عن ذلك ؟ طبعا لا يبقى التطبيق !!!...موفقين

    ردحذف