الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

:: كربلاء .. وفتنة المعتوه ::


أطل علينا قبل يومين أحد خطباء الجمع ممن يتبنون الفكر اليزيدي من على منبر رسول الله ص لينشر من خلال هذا المنبر وقاحاته التي يرميها جزافاً من تكفير واتهام بالبدع في تعرض صارخ لمعتقدات شريحة واسعة من مجتمعنا بحجة بيان الكارثة المدمرة والطامة الكبرى التي وقعت بها وزارة التربية في منهج الصف السابع من مادة علوم الأسرة والمستهلك في ذكرها لأنواع السياحات التي منها السياحة الدينية ، جعلته بعض فقرات هذا المنهج يستشيط جنوناً حينما ذكرت العتبات المقدسة في كربلاء، متناسياً أن هذا المجتمع يقوم على ركيزتين أساسيتين هما السنة والشيعة ، ولا يمكن لأحد أن يلغي الآخر بالتعرض لمعتقداته التي يؤمن بها.

 لا أعلم ماهو المغزى من وراء هذه الفتة التي يريد اشعالها المتحدث من على منبر رسول الله واساءته لمدينة سبط رسول الله بالتحديد ، فهو لم يجن حين ذكر الفاتيكان وانما ثارت غيرته على الدين حينما ذُكرت كربلاء، يقول هذا الخطيب في معرض كلامه أنه لا يسعى  إلى الفتنة وأن الشيعة والسنة قد عاشوا في هذا البلد متحابين إلى أن قامت تلك الثورة في الاشارة إلى الثورة الاسلامية في ايران،  ربما هو لا يعلم ان الزيارة للعتبات المقدسة لم تكن وليدة هذه الثورة بل تسبقها بمئات السنين ولا ارى الاشارة إلى الثورة الايرانية الاّ محاولةً للاصطياد بالماء العكر، وإن كان المتحدث لايسعى للفتنة كما يدعي، كان بإمكانه ان يتبع القنوات القانونية في الاعتراض على ماورد  في المنهج دون اللجوء إلى الخطب الجماهيرية التي تهيج طرفيّ الخلاف.

ماهو سبب هذا التمادي وخصوصاً بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بعض الاشخاص وقنوات الفتنة الفضائية..هل بسبب غياب العقلاء في التصدي لمثل هذه الممارسات التي ستكون لها نتائج مدمره للمجتمع؟ ، أم هو لغياب القانون الذي من المفترض أن لا يسمح بتعدي طرف على طرف آخر بإساءة؟

هل يعلم المتحدث أن النيل من مدينة سبط  الرسول الأعظم هو نيل من رسول الله ص؟،  إذ أن قيمة الأرض تُستمد مِن مَن هو مدفون بها، وهو الامام الحسين بن علي عليهما السلام، أليس هو من قال بحقه المصطفى ص وفي حق أخيه الحسن ع:" هما ريحانتي من الدنيا" ، فكرامة كربلاء وقداستها مكتسبة من انتمائها للحسين ع المدفون بها، هذا هو تقديرنا لأعظم آثار النبي الاكرم ص، وتقدير المتحدث هو وصم الدعوة لزيارة كربلاء بأنها "أعظم من الزنا "والعياذ بالله، ليعلم المتحدث أننا نتبرك ونعظم من أعطى الله كل شي فكافأة الله تبارك وتعالى بأن أعطاه هذا الخلود بين الناس كرامة لتضحيته من أجل دينه!.

أتوجه بالسؤال لذلك الخطيب .. ماهو رأيك بالروايات التي تروي تبرك الصحابة  بماء وضوء النبي ص؟، وماهو رأيك بالروايات التي تروي تبرك الصحابة بشعره الكريم واكرامهم اياه أن يقع شيء منه الاّ في يد رجل سبق إليه؟ أليس ماء الوضوء ماءً ؟ أليس الشعر شعراً؟ لماذا يتبرك به الصحابة ...؟

التبرك هو في انتساب الماء والشعر إلى النبي الأكرم ص، كذلك هو الحال بالنسبة إلى التبرك بمقام الامام الحسين ع ، أليس هو أثر من المصطفى ص؟، ولا أريد الاسترسال في الروايات الداعية إلى التبرك بغير آثار النبي ص كغبار المدينة وتربتها والحجر السود والركن اليماني وماء زمزم وغيرها..
لا يعتقد البعض أن تجاهل  الرد على المتحدث من باب الضعف أو نقصان الحجة، انما هو من باب الحفاظ على نسيج هذا المجتمع الذي جُبل على تقبل الاخرين دون المساس بمعتقداتهم وشعائرهم ، وللأسف أن ما نلاحظه من تحرك لأتباع الفكر التكفيري هي حالة طارئة على مجتمعنا لم تكن موجودة من قبل تسعى لتمزيق أواصر المحبة والعيش المشترك لصالح جهة مجهولة .  نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقِ بلدنا الحبيبة نار الفتن التي لو اشتعلت لن يعلم إلى ما ستؤول إليه إلاّ الله تعالى.