الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

.:: العقل والعاطفة .. والدور المطلوب ! ::.



" يجب ان تكون قاسي العقل رقيق القلب " .. حكمة

العقل والعاطفة .. قوتان اودعهما الباري جل وعلا في الانسان وميّزه بهما عن سائر الخلق، ولم يكن الله سبحانه ان يودع هاتين القوتين الّا لغاية وهدف (حفظ توازن الأفعال اتجاه المواقف)، ولو افترضنا ان يُخلَق الانسان دون هذا المخلوق الذي يخاطبه تعالى (ما خَلقتُ خلقاً احبُّ اليّ منك ولا اكملتك الاّ فيمن احب) النتيجة انه سيكون كباقي المخلوقات بل ربما اضل سبيلا، كذلك اذا تم تطبيق الافتراض السابق على العاطفة فالنتيجة بأن يكون الانسان كسائر الجمادات، دون شعور واحساس، فمن نعم الله تعالى أن تكون هاتين القوتين من ضمن التكوين البشري.

العقل هو ذلك السراج الذي ينير درب البشرية من خلال التوجيه الذي تقوم به هذه القوة الفطرية لما هو حق و الابتعاد عمّا هو باطل، وهو مركز البحث والمعرفة، التعامل المبني على القوى العقلية عادةً يستمد حُكْمهُ من الاستدلالات والبراهين، ومن المؤسف الاّ يقوم الانسان باستخدام هذه النعمة الالهية لو بالجزء اليسير من الإمكانيات الهائلة المودعة فيها، حيث يقر العلماء بأن اكبر طاقة استُخدمت من العقل تمثل ٢٪ من امكانياته وقدراته، ومن الخطأ ان يعتقد البعض بأن القدرات العقلية اودعت في الانسان بنسب متفاوته.. اذ ان الاستعداد مودع في جميع البشر على حدٍ سواء ولكن نسبة الاستفادة من هذه الطاقة متفاوت بحسب استغلال الانسان نفسه لها.

العاطفة .. تعرف العاطفة في علم النفس على انها" استعدادٌ نفسي ينزعُ بصاحبه الى الشعور بإنفعالات معينة والقيام بسلوك خاص حيال فكرة او شيء" .. العاطفة خاضعة للقلب ويعبّر عنها الشيخ محمد تقي فلسفي بأن العاطفة تتبحر في باطن الحياة كما ان العقل يتمعن بظاهرها، وهي اخطر ما يوجه الانسان في حال غياب دور العقل في التوجيه، اذ ان التصرفات التي تنتج عن المواقف وتتصرف فيها العاطفة غالباً ماتكون قد بُنيت على الأهواء والانفعالات، ولسبب عدم قدرة الجميع على استغلال القوة العقلية بالشكل السليم يكون دور العاطفة اكثر بروزاً وتأثيراً اتجاه المواقف والاحداث، ولا يعني انها لا تخضع مطلقاً للعقل بل يمكن لها ذلك وهذا مانطلبه..

وينبغي الاشارة الى ان الإفراط في الخضوع للعواطف دون تدخل العقل كعامل موازنة يعتبر من مأزمات التفاعل مع المجتمع .. وخصوصاً لفئة الشباب حيث يشير علماء النفس ان فئة الشباب هم اكثر من يخضع للعاطفة نتيجة انتقالهم من مرحلة الطفولة والتي تعتبر مرحلة تدرج العواطف من عدم الإحساس بأهميتها إلى مرحلة محاولة لفت الأنظار وجذب اهتمام الاخرين وكسب تعاطفهم وودهم.

الحب من العاطفة والإفراط فيه يوقع في المتاعب، الغضب من العاطفة والإفراط فيه يوقع في المتاعب، الحزن من العاطفة والإفراط فيه يوقع في المتاعب، ولو أخذ العقل دوره في كل موقف من هذه المواقف لأدرك قول الامير ع :"أحبب حبيبك هوناً ما" في الحب، ولأدرك قول المصطفى ص لذلك الأعرابي الذي طلب النصح منه لاكثر من مرة وكان جواب النبي الأكرم ص في كل مرة انه "لا تغضب"، وكذلك هو الحال في كل موقف عاطفي.

لا يخفَ على احد ان لكل من العقل والعاطفة دور في عملية التفاعل والتعاطي مع المواقف، فيجب ان يوضع كلا منهما في موقعه دون إفراط او تفريط، كل ما يحتاجه الشاب هو عملية السيطرة على تلك العواطف والانفعالات من خلال تحكيم العقل ولو بالمحاولة والتدريب، وذلك لا يكون الا شعوراً منّا بأهمية وخطورة الاعتماد الكلي على العواطف والانصياع لأوامرها في التفاعل مع المواقف.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق