الاثنين، 24 ديسمبر 2012

:: إشكالات معاصرة ::

من المؤلم جداً أن يتبنّى البعض مِن مَن يعيش في مجتمعات يغلب عليها طابع الإتزام ولو باليسير من التعاليم  الاسلامية لبعض الاطروحات الشاذة تحت غطاء التطور والنهضة والتقدم بحجة عدم توفر الأرضية المناسبة لتطبيق الشريعة الإسلامية الأصيلة في زمن أحوج مايكون به المرء إلى الإرتباط بشرعة السماء المنجية في ظل الفتن التي تتقاذف كقطع الليل المظلم، فمع الاعتراف الظاهري بكمالية الشريعة وتمامها إلاّ أن هناك من يضمر الإعتقاد بأنها نسبية التطبيق، فهي كاملة من جهة العبادات أما من جهة التعامل الدنيوي الحياتي فإن الشريعة تحتمل  القصور ويجب الرجوع إلي القوانين الوضعية (المرنة) التي قد تكون أنسب في تطبيقها للواقع لملائمتها للأوضاع المُعاشة والاعتماد بشكل أو بآخر على العقل في مقابل النصوص الشرعية (الجامدة) التي ينبغي إعادة النظر في بعضها، والدعوة لتحكيم العقل في مناقشة آراء المتشرعين لعدم الحاجة للتخصص في  مناقشته!!.
-
ولعله يمكن إرجاع هذه الظاهرة الحديثة والتي بدأت تنتشر بين الشباب فتقودهم إلى الشك المذهبي (كما يعبر عنه الشيخ محمد جواد مغنية[1]) بحيث يصبح التشكيك والجدال هو الأساس في كل اعتقاد دون وضع إعتبارات للوصول إلى نتيجة علمية عن طريق النقل أو العقل، وكان هذا النمط يفرض سيطرته على بعض المجتمعات الشرقية عن طريق نشر الإنحلال بداية وينتهي بالإلحاد إن صح التعبير، ويمكن اسنادها إلى أسباب عدة ومنها:
1. غلبة الهوى حيث أن من المعلوم من يغلب هواه عقله سيتحرك وفق ما تمليه عليه الشهوات والتي سيشبعها بالطرق المختلفة بغض النظر عن مشروعيتها كأن يرَ الشريعة هي المانع المقيّد لإشباع النفس وأهواؤها تحت مسمى تقييد (الحرية).
2. ردة الفعل السلبية لدى البعض والتي تدفع بإتخاذ الاتجاه المضاد نظراً لسلوك قد يعتقد البعض بخطأه أو عدم تقبله ومن الممكن أن يكون نتيجة زلل قد وقع فيه من كان محاطاً بالهالة الإسلامية[2].
3. تراكم الإستفهامات دون السعي للوصول إلى الإجابات التي تدحض الشبهات، حيث أن إلقاء الشبهات وعملية التشكيك قد تجد طريقها بسهولة لمن يتقاعس عن البحث والتنقيب عن الإجابات بين ماخطه العلماء فتتكون تلك النتيجة نتيجة ذلك التراكم.
4. البيئة المحيطة ومالها دور في عملية التأثير المباشر أو الغير مباشر بالاضافة إلى مسايرتها من قبل الأفراد حفاظاً على العلاقات الإجتماعية فيكوّن ذلك الأثر ولو بالشكل النسبي على المعتقد وأنماط التفكير.
ومن الجدير بالذكر بأن لهذه الظاهرة تبعات سلوكية تُلاحظ على من يلتزم هذا النوع من التفكير بحيث تكون صفات لمن يتبع منهج التشكيك كـ : تحقير المعتقدات التي لاتنسجم مع رغباتهم و التجاسر على أهل الإختصاص من العلماء وكذلك الاستعانة بكل منحرف يسعى من خلال معول التشكيك أن يهدم المعتقدات والثوابت تحت مظلة تحرير العقول وتجديد الوعي الإسلامي.
-
ومن جملة تلك الإشكالات التي يتغنى بها الحداثيون (وأقول منها من باب المثال لا الحصر ) فيما يتعلق في نسبية الدين وصلاحيته وحجية العقل في مقابل الثابت من النصوص وقداسة نقد الشخصيات المتشرعة، ان الاجابة على هذه الشبهات قد تحتاج الى ابحاث عدة لا يسعني في مقالة مختصرة الاّ الاجابة بشكل مختصر عن بعضها ويمكن للقارئ الكريم الرجوع الى ابحاث المفكرين الإسلاميين في الرد على تلك العلمانية اتجاه الاسلام..
-
أما في موضوع اشكالية  نسبية  التطبيق بالنسبة للاسلام  ،، يجب في البداية أن ننطلق من أساس مشترك وهو أن الله سبحانه وتعالى وعبر القرآن الكريم أرشدنا إلى أن الالتزام بتعالم الاسلام هو المنجي ومن يعمل بغيره فلن يُقبل منه ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[3] ) لأن مقتضى العبودية أن يُعبد الله سبحانه بما يراه سبحانه، ان كان هناك اعترافاًً أولياً أن الدين الاسلامي صالح لكل زمان ومكان  فالقول بالنسبية هو تناقض لأن النسبية تقتضي الصحة في جانب واحتمال الخطأ  والقصور في جانب آخر واعتقادنا بأن الله عز وجل إنما وضع تلك التشريعات الكاملة التي لا تحتاج لأن يكملها ناقص من البشر في مقابل الكمال المطلق المتمثل بالله تعالى فتكون النسبية هي في الإدراك لتلك المفاهيم والتشريعات من قبل البشر مع وجود الحقائق البسيطة التي لاتحتمل التشكيك.. ولا أدري بأي دليل استند حصر نسبية الدين في العبادات دون سواها والقرآن الكريم وهو دستور هذا الدين يقول (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم[4]) وهو يتعرض للعبادات والمعاملات بين العبد وربه ويسن القوانين ليحكم العلاقات بين الناس في المجتمع ..

-

وأما القول بحجية  العقل في مقابل النصوص  فلا  اجتهاد  مقابل نص صريح يدعو للالتزام بحكم معين  والقول بأن الدين ثابت لا يمكن أن يحكم الدنيا المتغيره فإن الثابت هو ما وصل بالدليل القطعي وأما المتغير مما يمكن مناقشته لأنه قد وصل بدليل ظني معتمداً على اراء بشرية قابله للخطأ فلذلك الثابت يحكم المتغير لأنه يعصم عن خطأ العقول البشرية القاصره[5]، إن العقل  البشري ولقصور ادراكه في بعض التشريعات لايمكن ان نضمن من خلاله سلامة البشر وسعادته كما  يذكر ذلك السيد محمد تقي الحكيم كأحد الاسباب في تقديمه لكتاب دليل العقل عند الشيعة الامامية لــ / د.رشدي عليان " فلأن ادراكه - العقل - محدود بحدود معينة  لا يملك  أن يجتازها عادةً، فأحكامه لو كانت له احكام لابد ان تكون محدودة تبعاً لذلك الادراك، ومع كونها محدوده فهي لا تكفي لتكوين انماط سلوكيه تكفل السلامة والسعادة للبشر على كل حال"  ..

-

وبخصوص موضوع القداسه التي تعرف على أنها " من ليس لك حق نقده [6] " وهو الله عز وجل الّا من خرج عن نطاق الاسلام هنا يكون بحث آخر، فالقداسة لله وحده وما لغيره انما هي قداسة كسبيه كما ورد في القرآن الكريم    ( اخلع نعليك انك في الوادي المقدس طوى[7] ) وأما قداسة المتشرعين فتأتي من انتسابهم للدين ولله تعالى، ولا مانع من انتقاد الفتوى من قبل المتخصصين فكما ان للعلوم الطبيعية متخصصيها الذين لا يقبلون التدخل في اختصاصهم من ليسوا اهلاً كذلك هو الحال بالنسبة للعلوم الشرعية وهل ليست اقلاً منها بل هي اعظم لانها من تحدد مسار البشر  في الحياة الآخرة .. فمقتضى الموضوعية ان يترك كل مجال لأهله..
-
هي دعوة للتعقل والنظر بعين الإنصاف إلى الأمور بحد سواء والسعي للبحث عن الحقيقة بموضوعية تامة دون غلبة الهوى أو الميل الشهوي النفسي لئلا تكون سوء العاقبة التي يغفل عنها الكثير في دنياه.


[1] المراد بالشك المذهبي أن يتخذ الشك ديناص يدان به في كل شيء الشيخ محمد جواد مغنية صفحات لوقت الفراغ
[2] عن أمير المؤمنين ع (لا يعرف الحق بالرجال إعرف الحق تعرف أهله)
[3] سورة آل عمران 85
[4] سورة الإسراء 9
[5] السيد منير الخباز النسبية والقداسة والحرية
[6] المصدر نفسه
[7] سورة طه 12

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

:: حسين الخلود ::

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ..
هاهو هلال الحزن والأسى قد لاح في الأفق مؤذناً ببدء ليالي البكاء والنحيب، تلك الليالي التي يجدد بها الناس إيمانهم بالقيم والمبادئ، بالطاعة والعبودية، بالوفاء والإخلاص، برفض الطاغوت والظلم، نعم .. إنه إيمانٌ بإسم الحسين (ع)، إيمان مفعم بالامتثال لأمر الواحد الأحد منطلقاً نحو إصلاح الإعوجاج والفساد الذي تفشى في جسد أمة المصطفى (ص) ، ولاسبيل لأن تعود الأمة لرشدها وتصحو من سباتها إلاّ بدم الحسين (ع) .
-
زمن كانت الضمائر فيه في عداد الموتى، إنطلق الحسين (ع) وهو ذلك الثائر من ضمير حي وفطرة إلهية نقية لم تشبها شائبة ليضرب أروع صور الفناء في الله عز وجل، حيث كانت العبودية المطلقة في صلب تكوينه المبارك فجرت على لسانه الشريف عبارات الخضوع لرب العزّه " شاء الله أن يراني قتيلا" ولم يستطع أن يثنيه أحد عن تلبية نداء الإصلاح الإلهي والتخلي عن حطام الدنيا في قبال الرضا بالبيعة الجائرة لسلاطين الظلم والجور منادياً "لم أخرج أشراً  ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وأن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".
-
 خلود لم يشهد التاريخ مثيلاً له، تجاوز الزمان والمكان وتناقلته الأجيال بدماء ناطقة صرخت في وجهه الطاغوت "هيهات منّا الذلة"  وسيبقى ذلك الخلود حتى يرث الله الأرض ومن عليها، الإمام الحسين (ع) كان عين القيم الإلهية التي مازال يستلهم منها العالم أجمع عبر صروح حسينية قد امتدت من مشارق الأرض إلى مغاربها لتبرهن أن الحسين (ع) مصباح هدى للحياة وسفينة النجاة بعد الممات.
-
فلنلتحق بركب الحسين (ع) ونستقي من عذب معينه علوماً حسينية نرفع بها راية الإصلاح بدءً من النفس .. ونذرف دموع الأسى على ماجرى في أرض كربلاء..
حي على الجزع                 حي على البكاء
قد قامت كربلاء       قد قامت عاشوراء

الخميس، 4 أكتوبر 2012

:: تميز ينطلق من قلم ::


كنت في بداية قبولي في وزارة التربية لأكون معلماً للمرحلة المتوسطة قد بنيت إعتقاداً سابقاً بأن الوظيفة التي أقدم عليها من أشق المهن وأصعبها بل وأنها من المهن الطاردة التي ينفر منها الجميع وذلك نتيجة ماسمعنا من بعض أهل الميدان الذين لاصلة لهم بهذا السلك، وعندما يسألني البعض عن وظيفتي ترى علامة الاستغراب تُرسم على وجهه وكانه يسأل بإستنكار" مالذي دفعك للإقدام على هذا الشقاء .. إنها مهنة متعبة!! "، ومن خلال عامي الثالث في ميدان العمل اكتشفت أنها متعة لمن يسعى بشكل فعلي لتشكيل صورة يحتذى بها كقدوة صالحة في المجتمع، ولا يكون إقتصار دور المعلم في منهج تعليمي يُلقن للطلاب ويُمحى بإنتهاء العام الدراسي.. بل على العكس تماماً فأنا أتحرز الفرصة بعد الفرصة لإنهاء درسي في وقت مبكر- مع تغطية جميع جوانب الدرس وبشكل متقن- حتى يتسنى لي المجال لطرح بعض القضايا التي تنفع الطلاب خارج نطاق المنهج والمدرسة إيماناً مني بدور المعلم في عملية توجيه سلوك الطلاب وضبط انفعالاتهم وتوجيهها التوجيه السليم بما يعود بالنفع عليه في الدرجة الأولى وعلى المجتمع في الدرجة الثانية.
-
في احدى المرات وبعد انتهائي من عرض الدرس وقد تبقى من الوقت على نهاية الحصة الدراسية مايقارب العشر دقائق أخرجت قلم رصاص الذي استخدمته كأداة لايصال رسالتي ووجهت سؤالي للطلاب" من منكم يستطيع أن يكسر هذا القلم الخشبي بأصغر أصابع يده (البنصر)؟؟" فما كان من الطلاب إلاّ أن ينظر بعضهم إلى الآخر بتعجب واندهاش وكأن لسان حالهم يقول " ماذا يريد المعلم أن يفعل وماهي رسالته من هذا السؤال!! " وبعد ذلك قمت بكسره مستعيناً بأحد الطلبة وفق الشرط الذي ذكرته أمامهم وبدأ حديثي بالانطلاق..
-
إنها الرغبة .. الرغبة هي التي تدفع الانسان لتحقيق مايريد بأي أسلوب، الرغبة هي التي تولد الشعور بإمكانية التطبيق لتحقيق مانريد وبعد ذلك يكون البحث عن الآلية المناسبة والسليمة للتنفيذ الذي يوصل بدروه للهدف.
حاولت زرع شعور امكانية التميز لدى الطلاب في شتى مجالات الحياة من خلال رغبتهم في ذلك والذي يتنافى مع الراحة والدعة الموجودة في المجتمع وقد غرق بها جيل الشباب دون شعور أو إلتفات لإنقضاء العمر، حيث أن من شب علي شيء شاب عليه، وكذلك الرغبة التي تتحطم على صخرة الشعور بالعجز وعدم القدرة والتردد والخوف من الفشل، وهذا الحاجز النفسي كفيل لوحده أن يعطل أي طاقة للشباب في المستقبل.
ومن الضروري الإشارة إلى أن عدالة الله تعالى في خلقه أن جعل العقل البشري مودع في كل سوي ولم يحجب هذه النعمة عن أفراد دون غيرهم وبذلك تكون نسبة التفاوت في استخدامه راجع للمرء نفسه، فمن يرغب بتنمية عقله واستخدامه الاستخدام الأمثل سيسعى جاهداً لإكساب ذاته بعض المهارات على المستوى العقلي أو البدني التي تجعله متميزاً بين أقرانه ابتداءً من الاقدام والمبادرة مروراً في البحث عن السبل الموصلة للهدف وانتهاءً بالتميز.
-
هناك هدف دفعني لهذه الكلمات في دقائق معدودة والتي استمع إليها الطلاب وكأن على رؤوسهم الطير بتمعن وتركيز، هو أن الخير موجود وطرقه متاحة فإن لم يكن هذا الخير من نصيبي فهناك من سيتصدى لهذه العملية التي تكون بذرة حسنة يحصد نتاجها المجتمع كما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) : الفرص تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير..

على هامش الموضوع :
أحب أن اسجل للقارئ الكريم إعتذاري وأبين إنزعاجي من ذاتي التي أحترمها كثيراً عن انقطاعي لفترة من الزمن عن الكتابة التي اعتبرها الاسلوب الوحيد للكلام دون مقاطعة وأن أبوح بكل ما يجول في خاطري دون قيد لأنقل بعض الرسائل السريعة حول المواقف التي نصطدم بها مع زحمة هذه الحياة، وها أنا أعود من جديد لأكمل ماكنت عليه في السابق من عرض لبعض الأفكار الشخصية التي أحاول أن أسلط الضوء عليها من خلال التجارب والخبرات سائلا من المولى عز وجل أن يجري على ماتخطه يدي مافيه نفع وصلاح..

الثلاثاء، 31 يوليو 2012

:: الخطوات العشر ::

:: أطلب النجاح بإلحاح وحاول تحقيقه ولو على ركام من المحاولات الفاشلة، فالنجاح قادر- مهما جاء متأخراً على مسح كل آثار الفشل .. السيد هادي المدرسي ::

كثر في الآونة الأخيرة أي السنين القليلة الماضية ترجمة العديد من الكتب الأجنية التي تسوق النجاح على أنه علم في متناول الجميع، وكثر الكلام أيضاً حول مدى مصداقية هذه الكتب حيث تم تصنيفها على أنها كتب ذات طابع تجاري لا أساس تطبيقي لها، فهي مجرد أوهام أو مثاليات تُباع للناس على هيئة أوراق قد جُمعت لتشّكل مجموعة كُتب تُتاجر بها دور النشر، وقد يتساءل البعض الآخر ماهو ذلك النجاح الذي تروج له تلك المؤلفات؟، وكل من ألّف فيها هو فعلاً شخص ناجح ؟

-

وللإجابة على تلك التساؤلات من الضرورة في البداية أن نحدد تعريفاً واضح الملامح لذلك المفهوم، النجاح ببساطة هو القدرة على الوصول للأهداف المرسومة من قِبل الأفراد أو المجموعات الصغيرة أو المنظمات، فكل يضع لنفسه أهدافاً سواء كانت صغيرة أو كبيرة قريبة المدى أو بعيدة ويصل إليها فقد نجح، فمن يطلب أن يحقق ربحاً مادياً معيناً ويحققه فقد نجح، ومن يطلب أن يغير سلوكاً معينا ويصل إلى مبتغاه فقد نجح، ومن كان هدفه حفظ سورة من القرآن الكريم في فترة زمينة معينة وحقق ذلك الهدف يسمى ناجحاً، إذن فالنجاح نسبي يختلف من شخص لأخر ولكنه يشترك في نقطة الوصول للهدف المطلوب تحقيقه والتغلب على صعابه، وهو القياس في الحكم على نجاح المشاريع من عدمه.
إن هذه الكتب تمنح المفاتيح الأولية والخطوات العملية في تحقيق النجاح مع الأخذ بعين الاعتبار أنها قد تُناسب البعض في الوصول لأهدافهم وغاياتهم وقد لا تناسبهم، ولكن هي مجرد خبرات وتجارب إن حققت الاهداف المطلوبة كونت النتائج العملية لهذه النظريات التطبيقات العملية وإلاّ فإنها خبرات قد يستفيد منها البعض في القادم من الأيام
-
ومن الملاحظ أن أغلب دورات النجاح والكتب التي تتناول هذا الموضوع تشترك في عناصر قد يُجمع عليها من له إهتمام التأليف أو المحاضرات في هذا المجال، وهو ماسنعرضه على هيئة نقاط قد يستفيد منها من يطمح لأن يحقق أهدافه في الحياة وهي ما أطلقت عليها (الخطوات العشر نحو النجاح):

1.    تحديد الهدف: يجب أن يكون الهدف قد صيغ بإسلوب واضح ومحدد بعيد عن العموميات فإن من يسير بلا هدف كمن يسير في طريق لا نهاية له ومن الطبيعي أن لايصل من لاهدف له لعدم معرفته بما يطلب، وهناك طرق عديدة لتحديد الهدف بكل وضوح عن طريق بعض التساؤلات ومن خلال الإجابة عليها وتجميع هذه الجابات لتكون هدفاً محدداً وواضحاً يسعى المرء لتحقيقه، وإليكم هذه الطريقة:

أ‌.      أذكر إثنين من صفاتك الشخصية المميزة كالحماس والابداع.


ب‌.  اذكر طريقة أو طريقتين تستمتع بهما عند التعبير عن تلك الصفات المميزة أثناء العمل كالدعم والإلهام.


ت‌.  افترض أن هدفك قد تحقق، فما هو شعورك اتجاه هذا الموقف، عبّر عنه بزمن المضارع.


ث‌.  إجمع الاجابات الثلاثة في عبارة واحدة، فيكون هو الهدف الذي ستسعى للوصول إليه.


2.    قسّم الأهداف: في حال أن الهدف كان كبيراً ويصعب تحقيقه حاول أن تقسم الهدف الكبير إلى مجموعة أهداف صغيرة مرحلية بحيث أنك تحاول الوصول إلى الهدف الرئيسي من خلال انجاز أهداف صغيرة.. كما هو الحال بالنسبة لتعليم الاطفال مهارة الرسم، حيث توضع اللوحة الأساسية في مربعات على أن تتوزع أجزاءها على المربعات فيقوم الطفل برسم كل جزء على حده إلى أن تكتمل اللوحة بجميع أجزاءها.


3.    التخطيط: وهي العملية التنظيمة التي يسعى الفرد من خلالها للوصول إلى أهدافه وفق خطوات مدروسه تساعده على تجنب الصعاب والعوائق أو مواجهتها بحيث يصل المشروع إلى مرحلة النجاح، ومن المعلوم أن العمل كلما كان منظماً كانت السيطرة عليه مهمة سهلة، ومن أهم آليات التخطيط الأوراق الزمنية وأوراق المتابعة التي من خلالها يمكن السيطرة على مواطن الخلل أو التقصير في أداء المهمات الموصلة لتحقيق الهدف الرئيسي بنجاح.


4.    المتابعة: المتابعة المستمرة لعملية التخطيط وسير العمل مهم جداً، إذ أن مجرد كتابة الخطة ووضعها على الرفوف غير مجدي، فهي تحتاج إلى متابعة مستمرة ومراقبة دقيقة، فالتخطيط من غير متابعة لا فائدة منه.


5.    التنفيذ: وهو السعي العملي للوصول إلى الهدف، إن مجرد التيقن بأن أعمالك يجب أن تنجزها أنت بنفسك وليس هناك من يقوم بها بدلاً عنك هو كفيل بأن يدفع الفرد اتجاه التحرك العملي نحو الهدف المحدد والمخطط له.


6.    الاصرار: من يضع لنفسه هدفاً يحمل قيمة معينة في ذاته سيواجه العديد من العوائق التي تقف دون الوصول اليه، فعليك بالمحاولة بعد المحاولة والتجربة بعد التجربة حتى تصل لمبتغاك ولا يكون ذلك الاّ بالإصرار في الحصول على ماتريد، توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي دفعه الإصرار لتجربة 260 تجربة فاشلة إلى أن جرب التجربة 261 وكانت هي التجرية الناجحة .. إنه الإصرار.


7.    المرونة: والمقصود منه المرونة في مواجهة المعوقات، من الصعب أن تسير الأمور دوماً بحسب مانرغب ونريد أقول من الصعب وليس من المستحيل فليست جميع العوامل طوع ايدينا ولكننا نمتلك الاستجابة لهذه الاحداث فنتحكم من خلالها بالنتائج وفق معادلة (حسن) التالية:


حدث+استجابة= نتيجة


مايمكن السيطرة عليه في الغالب هي استجابتنا لما نواجهه من أحداث، فعلينا أن نمتلك المرونة في التغيير حتى على مستوى التخطيط إن كان يعيق الوصول للهدف بنجاح.


8.    التفكير الايجابي: إن النظر للأمور من حولك بنظرة سلبية يكفيك لأن تعيش في هذه الحياة مكتوف الأيدي ترى تقدم الناس من حولك وأنت باقٍ على ما أنت عليه، هناك قانون جميل في علم قانون الجذب ويسمى بقانون الوفرة والذي ينص على أن " الدنيا مليئة بالعطايا وأنها خُلقت لتعطي من يُعطي" فلذلك علينا أن نرَ الأمور بإيجابية ويمكن لأهدافنا أن تتحقق في يومٍ ما، فيجب استبدال التفكير السلبي بالايجابي  الذي بدوره يساعد على علو الهمم ورفعتها.


9.    البيئة المناسبة: وأعني بها الاختيار الصحيح لبيئة الانطلاق نحو النجاح، البيئة التي تتوفر فيها العوامل ومقومات نجاح المشاريع كالاشخاص والأدوات وغيرها من مستلزمات نجاح هدفك، فهذه البيئة تعتبر أحد عوامل النجاح.


10.   الاستعانة بالناجحين: الاستعانة بأولئك الناجحين بهدف الاستفادة من خبراتهم ومعرفة أسرار الطريق الذي ساروا فيه وكيفية التغلب على الصعاب التي واجهتهم، ويقال بأن الاستعانة بالناجحين في المجالات المختلفة هي أسهل طرق النجاح.

ومضة:

جرب أن تحتفل بنجاحك في تحقيق أهدافك قبل أن تحصل عليها .. ستشعر بلذة ذلك النجاح الذي ستكون متشوقاً لتحقيقه فيكون دافعاً وشعوراً محفزاً نحو تحقيقه ..




السبت، 9 يونيو 2012

:: ولادة الكاتب ::




(إذا مات ابن آدم انقطع عمله الّا من ثلاث صدقة جارية أو كتب علم يُنتفع بها أو ولد صالح يدعو له) .. النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

إن اخوف ما تخاف منه السلطات الاستبدادية هي الثقافة والفكر والمفكرين بسبب كون هذه الكلمات المكتوبة التي ينطق بها المفكرون اذا استطاعت أن تصل عقول الناس فقد تهدد بعض العروش والتيجان المبنية من ورق فتحرمهم لذه الاستكبار لذا كان الجهل الذي يُفرض سابقاً عن طريق الرقابات على الكتب وما يطرحه اصحاب الفكر احد اقوي اسباب بقاء بعض السلطات الاستبدادية في الازمنة السابقة وقد تجد منها في زماننا الحاضر.
-
تقاس المجتمعات والامم بمدى تقدمها العلمي الناتج عن اهتمامها بالكتاب والتأليف، فعلى قدر اطلاع هذه المجتمعات على الثقافات المختلفة والعلوم المتنوعة يكون تطورها ورقيها يتناسب ويتزايد بشكل طردي وهذا الاطلاع، ومن خلال هذا الاطلاع نستطيع ان نجمع العقول والخبرات التي قام بها الاخرون سعياً في تحصيل ماتوصلوا اليه والوقوف على خبراتهم في المجالات المختلفة وهو ما ورد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام "خير الناس من جمع عقول الناس إلى عقله".
-
تلك كانت مقدمتين تبين خطورة الكتاب وتأثيره في المجتمعات والذي من المؤسف ان يكون آخر اهتمامات المجتمعات الشرق اوسطية وفق الاحصائيات التالية:
- اجمالي الكتب التي نُشرت في العالم العربي في الاحصائية التي أُجريت في عام ٢٠٠٧ بلغت ٢٧٨٠٩ كتاباً وتمثل ١٥٪ من العلوم والمعارف المختلفة و ٦٥٪ في الادب والاديان والانسانيات.
- هناك كتاباً واحداً يصدر لكل ١٢ ألف مواطن عربي بينما هناك كتاب لكل ٥٠٠ مواطن انجليزي اي أن معدل القراءة لا يتجاوز ٤٪ من معدل القراءة في بريطانيا.
- العالم العربي يصدر حوالي ١٦٥٠ كتاب سنوياً، أما في دول الغرب لاسيما أمريكا فانها تصدر ما يقارب ٨٥ ألف كتاب سنوياً، وهذا يؤكد ان القراءة مرتبطة بوعي الشعوب الى درجة كبيرة.
- تكشف أحدث الإحصاءات في هذا الشأن أن الأوربي يقرأ بمعدل ٣٥ كتابا في السنة والإسرائيلي ٤٠ كتابا في السنة، أما العربي فإن ٨٠ شخصا يقرأون كتابا في السنة.
- 
قد نطرح تساؤل، لماذا هذا العزوف عن الكتابة؟
ان هذا العزوف هو نتيجة طبيعية لانصراف المجتمعات العربية عن القراءة وعدم استشعار أهميتها والحاجة إليها، فالمجتمع الذي لا يضع عملية القراءة من الاولويات والاحتياجات الاساسية لا تتوقع منه الارتقاء من خلال القراءة لكونها من العمليات الصعبة والتي لا تستمر الّا مع من تستهويه القراءة وحب الاطلاع وسيجد نتائجها حاضرةً أمامه من خلال ابداء الآراء العلمية الناتجة عن اطلاع ودرايه حيال الاحداث والظواهر والظروف وغيرها من مجالات العلوم المختلفة.
-
هل هناك صعوبات تحول دون الدخول في عالم الكتابة أو توقف التقدم في هذا المجال لمن بدأه ؟
الصعوبات حاضرة وبقوة في كل مجال وخصوصاً في البدايات والسبيل الوحيد هو المواجهة والتغلب على ما فيها من صعوبات حتى ينمو ذلك العود ويقوى في هذا المجال، ويمكن تلخيص أهم هذه الصعوبات في التالي:

١. صعوبة البداية: ان التأسيس لأي عمل يحتاج لأن ينطلق من أساس متين يثبت من خلاله القواعد الاساسية في الانطلاق، وهنا تكمن صعوبة البداية اذ ان التحصيل العلمي قد يحتاج جهداً كبيراً بالاضافة إلى الوقت الطويل الذي يستغرقه المرء في الاطلاع والقراءة، وسبيل التغلب على هذه الصعوبة هو الاصرار المواصله والنفس الطويل في التحصيل.

٢. عدم الصبر على الفكرة: الافكار التي ترد إلى الذهن ويتم اختيارها على أن تكون هي الموضوع المنتقى في عملية الكتابة تحتاج إلى صبر، اذ ان هناك اساليب عدة يمكن من خلالها اختبار تلك الافكار ومدى صلاحيتها ومنها: طرح الموضوع بشكل مبدئي في مقالة، إعداد الموضوع وإلقائه بشكل محاضرة، النقاشات في الموضوع المنتقى من قبل المتخصصين.

٣. عدم الصبر على النقد: في البداية لا داعي لأن يطلع الجميع على ماتكتبه، اذ أن الرؤية النهائية لماتكتبه قد لا يكون واضحاً الاّ في ذهن الكاتب، ونقد الاخرين لما هو غير مكتمل قد يجعل الكاتب يمر بحالة من الاحباط يعوق الاستمرارية، وحتى اكتمال الرؤية بالنسبة للقارئ يجب أن يقبل النقد على انه حالة تقويمية طبيعية وقبولها يكون من باب التصحيح والتطوير، واياك وسماع الاصوات النشاز التي تعطل مايقوم به الكاتب من نشاط.

٤. عدم القناعة بما تكتب: لعله من الطبيعي ان يكون الناقد الداخلي يعمل وبشكل فعّال في بداية عملية الكتابة مما يؤدي إلى عدم الرضا بما يكتبه الكاتب، لا تعتني بهذا الناقد في البداية حتى تنتهي مما كتبت ومن ثم لتكن عملية النقد والتقييم، وجميلة تلك الكلمة التي وردت عن احد الكتاب وهو (سينيدر):"انس أنك تكتب، فقط تحدث للورق .." 
-
كيف ننطلق في عالم الكتابة: الإنطلاق في هذا العالم الجميل يحتاج منا إلى مقدمات تساعد في تحقيق الهدف وهو اثراء المكتبات بما هو مفيد يساعد في تقدم المجتمعات والافراد على حد سواء في المجالات والتخصصات المختلفة ومنها على سبيل المثال القراءة المستمرة وهي التي تساعد على تنمية الحصيلة اللغوية وسهولة تدفق المعاني والصور في الذهن، بالاضافة إلى الاطلاع على آخر ما وصلت إليه العلوم والفنون المتفرقة، تدوين كل ما يخطر من افكار لحين الحاجة لها، ولاغنى عن الورق والقلم أو ما يعادلها في زمن التقدم والتطور التكنولوجي، حيث ان الافكار التي يتم تسجيلها هي الأقرب للتنفيذ اذا أثبتت صلاحيتها، والأفكار الغير مسجلة مع صلاحيتها هي الأقرب للنسيان، استخدام الخريطة الذهنية في تحديد فروع المواضيع والذي يساعد وبشكل كبير على الترتيب وتنظم الأفكار.  

وتذكر دائماً ان الكتاب لم يولدوا كتاباً بل رفضوا ان تكون عقولهم مقيدة بقيود الجهل فأصرّوا على تنميتها فكان السر في ذلك القلم والورق

الجمعة، 1 يونيو 2012

تقديم سماحة آية الله السيد حسين المدرسي لكتاب :: رؤى ::




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
كيف نقطف النجاح ؟!
وماهي عوامل الفوز في العمل الرسالي؟
في الحقيقة أن التقدم في المجالات الاجتماعية لأداء الواجب الاسلامي لابد من وضع أسس متينة للإنطلاق، فالانسان لا يستطيع تحقيق أهدافه بالأمنتيات ولا إنجاز التقدم بالتكاسل والاحلام إنما عليه أن يقوم بالأمور التالية:
أولاً: تحديد الأهداف برؤية واضحة.
ثانياً: تنظيم الأمور بشكل كامل.
ثالثاً: الاخلاص في العمل بتصفية النية من شوائب الرياء والسمعة.
رابعاً: التحلي بالأخلاق الفاضلة في التعامل مع الناس.
خامساً: وضع خطط عملية للوصول إلى الهدف المنشود وهذا لا يمكن القيام به إلاّ بمعرفة من يعينه على ذلك وليس هناك عامل مؤثر وكبير في الحياة أفضل من أصدقاء أوفياء مؤمنين يساعدونه على إنجاز مهامه وتهيئة الظروف المناسبة لها والاصدقاء المنتخبين عوامل مستعدة للوصول إلى الأهداف المرجوه وما على الإنسان إلاّ أن يختار الأصدقاء المناسبين لهذه المهمة وإذا كان الإنسان عاجزاً عن الانتخاب الحسن فهو أعجز عن تحقيق أهدافه بطريق أولى لذا جاء في الحديث الشريف " أعجز الناس من عجز عن اكتساب الاخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم" .
فالنجاح ليس أمراً سهلاً كما يتصوره البعض، وخصوصاً النجاح في الميادين الإجتماعية حيث يتطلب من الانسان بذل جهود كبيرة والقيام بأعمال كثيرة حتى يستطيع أن يصل إلى هدفه المنظور وما على الشاب المؤمن الذي يريد إصلاح مجتمعه إلاّ أن يأخذ بأسباب النجاح وهذا الكتاب الذي ألّفه الأخ العزيز أحمد فيصل عبر تقديم الرؤى والتجارب في هذا الصدد يعتبر جهداً مشكوراً ومحاولة موفّقه في خدمة العمل الرسالي ومن الضروري على كلّ فرد في الساحة الإسلامية أن يستفيد من تجارب الآخرين كما جاء في الحديث الشريف عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال " السعيد من اتعض بتجارب غيره".
ومن الطبيعي أن أفضل خطوة يخطوها المرء هي الخطوة التي تكون بمعرفة وبعلم وبتخطيط مسبق وبتنظيم محكم حتى ينال الفوز الكامل في انجتز العمل الرسالي وكما قال مولانا أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام في آخر وصية له للمسلمين" الله الله في نظم أمركم... ".
لذا فإن تحديد الهدف وتنظيم الأمور في القيام بالعمل المبرمج من الخطوات الأولية في النجاح كما أن انتخاب الأصدقاء وإقامة علاقات وطيدة معهم ومعرفة كيفية الارتباط بالآخرين ومد جسور التعاون والعمل المشترك على أساس النقاط المشتركة مع الذين نختلف معهم في الأفكار والمعتقدات وهو من مستلزمات نجاح العمل الاجتماعي أيضاً حيث لابد من مداراة الناس وهذا مانستفيده من توصيات الرسول الأكرم حينما قال " أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض".
من هنا نحن نشكر أخينا الكريم الذي قام بجهد جهيد في تجميع الأفكار والرؤى في هذا المجال ليكون مشعلاً لكل من أراد العمل الرسالي الناجح.
نرجو من الله عزّوجل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى وأن يتقبل من أخينا هذا الجهد المبارك أنه وليُّ التوفيق، وصل الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
حسين المدرسي
27 ربيع 1 1433 هـ
20 فبراير 2012 م

الخميس، 3 مايو 2012

:: المسؤولية تصنع (Super Groups) ::



إن الركيزة الأساسية التي يقوم عليها العمل الجماعي هي المجموعة، ومن الصعب أن ترَ عملاً كاملاً متكاملاً قد شُيِّد بناءه بجهد شخص واحد فقط وبشكل فردي إلاّ ماندر، ففي ظل محدودية الوقت والطاقة إن العمل الناتج عن الجهد الشخصي عادةً ماتشوبه شوائب من النقص تمنعه التكامل المطلوب، حيث يستحيل على الفرد الواحد أن يقوم بما تقوم به المجموعة بجهودها المختلفة ، فبالاضافة إلى عدم القدرة على التحكم بالوقت وبمحدودية الطاقة لإنجاز المشاريع يعيش الانسان صراعاً داخلياً نتيجة ترقب النتيجة هل هي إلى النجاح أقرب أم إلى الفشل.

قد يكون أحد أسباب ميل البعض إلى الاستحواذ على جميع الادوار للقيام بها بشكل فردي هو عدم الثقة بقدرات الاخرين الذي بدوره يشعرهم بضعف قدراتهم وأنهم غير قادرين على تنفيذ المهام الموكله إليهم على أكمل وجه، أحد القواعد الإدارية الملفته التي وصل إليها العلم هي القاعدة التالية والتي مفادها:

( الثقة بالاخرين تصنع المعجزات .. أعط الثقة لهم وسترى ماهو مذهل )

من الطبيعي أن تنجز المجموعة ما لايقدر على انجازه الفرد الواحد وذلك لوجود عدة عوامل تحكم هذا العمل ومنها (الوقت) والذي من خلال الاعتماد على الفرد الواحد يشكل ضيقاً في مساحة العمل نتيجة ارتباط المهام بشكل اجمالي بشخص واحد، ماذا لو تم توزيع عدة مهام على مجموعة لتنفيذ عمل ما .. هل سنعاني من عامل الوقت كما لو كان العمل فردي ؟! لا اعتقد ذلك.

إذن يمكن السيطرة على عامل الوقت من خلال المجموعة، وكذلك من الممكن تجزيء العمل على أن يستلم كل فرد من المجموعة على أحد أطراف المشروع وبالتالي تخصص الاعمال لكل فرد على حده يؤدي الفرد من خلالها الأعمال الموكله إليه، وتكون النتيجة النهائية هي القدرة في التحكم بجودة الانتاج ووقت الانجاز على مستوى العمل (إن لم تبرز على الساحة بعض المعوقات الخارجة عن الارادة).

إعطاء جزء من العمل للاخرين لإنجازه تعد من خطوات تحمل المسؤولية والتي قد تعتبر أحد الحلول المساعدة على تنفيذ المشاريع بنجاح، إن الحرص على تنفيذ المشاريع وانجاحها والخوف من الفشل هو السبب في أن يقوم الفرد بجميع الاعمال لوحده دون الحاجة للاستعانة بالاخرين وهذا الحرص جيد ولكنه لايخدم النجاح في العمل، حاول ان يكون هناك مزيج في المعادلة التالية :

حرص+ثقة في الاخرين = إعطاء المسؤولية في ظل مراقبة لتدارك أي قصور

وفي مقابل إعطاء المسؤوليات يجب أن يكون همناك من يتحملها، والسؤال الذي يُطرح وفي ظل ضعف شعور الكثير من الناس في الاحساس بالمسؤولية، كيف يمكن غرس الشعور بالمسؤولية للقيام بالأعمال المختلفة في اطار العمل الجماعي والذي يشكل تحدياً كبيراً له؟، فالكثير من المجاميع تعاني من الشعور ذاته من ضعف الشعور بالمسؤولية لدى البعض.

وإليكم الحل ..

يعتبر سماحة آية الله السيد حسن الشيرازي (قده) هذه الحلول التي طرحها في أحد أبحاثه والتي تسعى لانتشال المجتمع من واقعه السيء الذي يعيشه اتجاه المسؤولية وتحريك المياه الراكدة في النفوس لتكوّن ثورة النشاط في العمل، وقد قسمها إلى قسمين هما : المبدأوالقيادة والقسم الاخر هو دور الامة، واطلق عليها (عناصر النهضة الطبيعية الجذرية للأمة)، وتتلخص النقاط بـ :

قسم المبدأ والقيادة : 1. وجود مبدأ شامل وصحيح.

  2. وجود قيادة محدودة وحكيمة منتزعة من صميم ذلك المبدأ.

قسم دور الأمة :      3. وعي الأمة لذلك المبدأ وتلك القيادة.

                        4. ايمانها المطلق بهما معاً.

                         5. ثقتها بنفسها.

                         6. تنفيذ الأمة لذلك المبدأ في واقعها بإيحاء تلك القيادة.

وهذا شعور اعتقد قد يوافقني به الكثير، أن الاحساس بالمسؤولية تكون نتيجة لشعور الفرد بقيمته في ضمن المجموعة، إذن تذكر دائماً .. يصعب صناعة  Super Man ولكن صناعة Super Groups سهل جداً .

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

:: محيطك .. يحدد هويتك !! ::


هل تذكرون قصة الأب الذي جمع أبناءه حوله وبيده حزمة أخشاب والتي أعطاها لأبنائه ثم أمرهم بكسرها حتى وصلت إلى أنهم لم يستطيعوا تكسيرها أكثر مما هي عليه.. قصة طالما سمعناها كلما كانت هناك دعوة إلى التماسك والابتعاد عن الشتات والتمزق، ولو نظرنا إليها من زاوية أخرى قد تبدو أكثر إشراقه وحيوية، إنها (العمل ضمن مجموعة)، أو العمل الهادف ضمن مجموعة وما أُطلق عليه (العمل الجماعي في طريق التكامل)، بالامكان ان نستلهم أيضاً من القصة السابقة أن العمل الجماعي الناجح والذي ينطلق من اختلاف الطاقات المؤدية لتكامل العمل تمثل القوة الناتجة عن هذا التجمع، حيث أن تفاوت الخبرات والمواهب واختلافها من شخص لآخر تمثل أولى الخطوات نحو تكامل العمل وتميزه والتي تساعد في تنمية الجوانب المختلفة لأساس الجماعة وهو الفرد.

-

قد تكمن أهمية العمل الجماعي في عملية تلاقح الافكار وتناقلها من خلال النقاشات المثرية الهادفه، فتارة تراه الفرد منهم في صفوف المتعلمين يتلقى العلوم من الاخرين وتارة أخرى في صفوف المحاضرين يسعى لأن يوصل ما اكتسبه من ثقافة وعلوم مختلفة لمحيطه، كما أن للعمل الجماعي الدور الفاعل في عملية جذب الفرد نحو الهدف الذي تسعى إليه المجموعة حيث أن المتعارف عليه هو أن العمل الجماعي جاذب لما تمثله الصداقات والعلاقات الاجتماعية من أهمية في حياة الشباب، وأما على صعيد العمل والميدان فإن العمل الجماعي يمثل اختلاف الطاقات سواء كانت عضلية أو عقلية والتي تساعد في تفاوتها على صناعة انجاز متكامل نتيجة اختلاف تلك الطاقات فضلاً عن اكتشاف الطاقات المدفونة للبعض وقدرته على مواكبة نجاح محيطه من خلال مايملك من طاقة، فبناءً على المجموعة يتم تحديد مدى العطاء، لذا علينا أن نحرص على البحث الدقيق والاجتهاد في الحصول على تلك المجموعة التي تضيف جديداً في حياتنا ..

-

وخير مثال هو ما أنعم الله تعالى به عليّ من رفقة جميلة لمجموعة من الشباب المبدع والذي قد لوحظ عليهم تميزهم واتقانهم لما يعملون وهم مؤسسة شباب الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم)-إنها الحقيقة ولامجال للمجامله في هذا المقال فأنا لست مجبراً على ذلك لكنها كلمة حق يجب أن تقال بحقهم- فقد تعلمت الكثير من خلال هذا العمل الجماعي وأذكر وجه التميز على سبيل المثال لا الحصر :

1. الطموح العالي.

2. السعي خلف العمل المتقن والانجاز المبهر على مستوى أنشطتها المختلفة.

3. هذه المجموعة شعلة من النشاط، فهي لاتكل ولا تمل من البحث عمّا نتجزه باتقان وابداع.

4. تتمتع مؤسسة شباب الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بروح الاخوة العالية التي لا يمكن أن تتأثر لإختلاف في آلية العمل، فبالرغم من وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر واسلوب العمل (وهي طبيعة العمل الجماعي) ترى التماسك والسعي للوصول إلى نجاح مشترك يفتخر به الجميع على حد سواء.

5. الثقافة العالية التي يتمتع بها قياديي التجمع ومحاولة ايصال هذه الثقافة بطرق متنوعة للآخرين.

6. النقطة و التي أعتبرها النقطة الأهم من بين سابقاتها وهي الشعور بالمسؤولية اتجاه الشباب، المسؤولية في أن يكون كل فرد فاعل ونشط.

-

دعونا نتحدث قليلا عن كيفية الفاعلية ضمن المجموعة، كلاً منا يمتلك القدرات لأن يكون فاعلاً نشطاً ولكن قد لا نعرف كيفية الوصول لما نريد وهذه بعض النقاط التي تساعد لأن يكون الفرد فاعلاً مؤثراً ضمن مجموعته، فكن مستعداً لإنجازك الجديد وابدأ بالخطوات التالية :

1. اسعى لتنمية ثقافتك الشخصية والتي ستساعد على تنمية الكل، فإن كنت ترى ضعف المجموعة فإن تقويتها ابتداءً من النفس هو الحل.

2. كن واثقاً بأن المجموعة دائماً وابداً بحاجة إلى الفرد فلا تهمش دورك أو تستصغره تحت أي سبب كان.

3. لا تقتصر على المشاهدة أو الاستماع وشارك بكل ماتعرف، ولاتخجل من طرح أفكارك فقد تتبلور لتكون مشروعاً عظيماً.

4. كن محفزاً وابتعد عن التثبيط أو تسفيه أفكار الاخرين، اقبلها وناقشها قد تصل لما هو ابداعي.

5. من المعروف أن المجموعة تحتوي على طاقات متفاوته، فإن كنت صاحب انجاز فلا تنسبه لنفسك وتهمل دور الآخرين ولو كان بسيطاً، بل اهدم تلك الأنا الغرورية بنسبة الانجاز للجميع ليشعر كل فرد بالدور الذي قام به.