الأحد، 4 ديسمبر 2011

:: قواعد إدراية من الثورة الحسينية ::

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين..
-

قد يتصور البعض أنه من المبالغة وصف الثورة الحسينية بأنها مدرسة يُستلهم منها في مجالات الحياة المختلفة الدروس والعبر والخطوات العملية التي لها القدرة على قلب كيان المجتمعات السلبية رأساً على عقب، ولكن لو أمعنا النظر في المواقف التي اتخذها الامام الحسين عليه السلام اتجاه الاحداث التي واجهها ابتداءاً من شروعه في الخروج من المدينة لحين استشهاده في يوم العاشر من المحرم لعام 61 للهجرة سنجد الكثير ممايمكن الاستفادة منه ، لم تكن هذه الواقعة أن تحدث لوأنها اقتصرت على الوقائع التأريخية وتنتهي بانتهائها، بل كانت لتصبح منبعاً يرتوي منه كل ظمآن للإصلاح في مجالات الحياة المختلفة.

-
قد وضع العديد من علماء الادارة والقيادة مجموعة من النظريات الحديثة والتي قد وصلوا إليها نتيجة أبحاث وتجارب مكثفة وقد جسّد بعضاً منها الامام الحسين عليه السلام فكانت جزءاً من حركته الالهية، قد يستغرب البعض .. هل كانت هناك نظريات ادارية في ذلك الزمان ؟؟

الجواب هو " نعم " ، أَلَمْ يقل أمير المؤمنين عليه السلام:" الله الله في نظم أموركم " ، وهل تُفسّر نظم الأمور بغير الادارة ؟ ، كان الدور الاداري والقيادي الذي قام به الامام الحسين عليه السلام واضحاً والذي ساهم في ايصال رسالة الطف، ويمكن الاستدلال عليه من خلال النقاط التالية:

1. وضوح الهدف: حيث أن الهدف بالنسبة إلى الامام كان واضحاً وهو الاصلاح وسيسعى الامام عليه السلام جاهداً لتحقيقه نتيجة وضوح الرؤية للأهداف وماتحمل من قداسه، فتراه قد بذل مايملك في سبيل اصلاح الانحرافات ، فالمشروع الذي  يسير دون خطة أو أهداف واضحة ترى القائم عليه يتخبط يميناً وشمالاً ولا يزيده تخبطه الاّ بعداً لما يطلب.

2. ايجاد البديل حال الغياب : إن القيادي الناجح لايترك ادارته دونما قائد يقوم مقامه لتصريف الامور الادارية في حال غيابه، فقد أبقى الامام الحسين عليه السلام أخوه " محمد بن الحنفية " ليكون عينه على المدينة كما جاء فخطابه عليه السلام لإبن الحنفية " وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم في المدينة، فتكون لي عيناً لا تخفي عني شيئاً من أمورهم"، وكذلك يمكن لنا أن نستفيد قاعدة إدارية أخرى.. وهي الوثوق بقدرات الاخرين وتكليفهم بتحمل جزء من مسؤولية المشروع، تقول القاعدة الادارية " إن كنت تثق بقدرات الاخرين فإنك معهم ستصنع المعجزات" .

3. التحفيز : من المعلوم أن للتحفيز دور فاعل في نجاح المشاريع  بوجود القدرات الحقيقية في العمل، وقد قام الامام عليه السلام بدور المحفّز حينما جمع أهل بيته وأصحابه وقال كلماته التي بعثت في نفوسهم التشجيع في انتظار صباح العاشر من المحرم :" فإني لا أعلم أصحاباً ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أصحابي وأهل بيتي فجزاكم الله عني خير الجزاء "، هذه الكلمات التي أدت إلى تفاني الاصحاب في تحمل مسؤولياتهم في الذود عن حريم رسول الله وعن سبطه الحسين عليه السلام.
-
من المؤسف أن يعتقد البعض أن هذه الواقعة مجرد ثورة تاريخية تجدد في كل عام دون أن يمعن النظر في أحداثها التي من الممكن أن نحدث من خلالها ثورات على النفس وتطويرها نحو الأفضل، فالاصلاح الذي كان ينشده الامام الحسين عليه السلام لا يختص تلك الحقبة من التأريخ، بل مختصةٌ بنا أيضاً .. لنتأمل قليلاً.

الخميس، 1 ديسمبر 2011

:: الحسين عليه السلام ثورة نحو التكامل ::


السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ..
-
شكّلت واقعة كربلاء منعطفاً كبيراً ساهم في تغيير مجرى التاريخ نحو سياسة الرفض ونبذ الذل والخنوع للمفاسد والانحرافات التي قام بها يزيد بن معاوية ، حتى أصبحت مدرسة يَنْهَلُ من مَعينِها كل من يسعى لرفض الباطل ويقصد الحق، فكان الامام عليه السلام يعتبر مبايعة يزيد بالخلافة والنزول عند رغبته في إمرة المسلمين جريمة كبرى بحق الاسلام الذي ضحى من أجله جده المصطفى وأبوه المرتضى وأخوه المجتبى عليهم وعلى آلهم الصلاة السلام، فما كان منه عليه السلام الاّ التحرك وفق خطوات واضحة أدت إلى الوصول للهدف وهو الحفاظ على الاسلام وايقاظ المسلمين من سباتهم العميق في السكوت عن الطغيان والجور.

-
وبما أن تفجّر الثورة الحسينية كان بهدف ترسيخ معاني الإسلام الأصيل المنسجم مع القيم الانسانية والتي يتكامل المجتمع من خلالها، من المناسب أن نسعى لفهم هذه الخطوات التي هزت المجتمع فاستيقظ على اثرها، لتتوالى بعد ذلك الثورات الرافضة لكل الطواغيت والظلمة، وتطبيقها بشكل عمليّ على ذواتنا لكي تتلقى النفس ذلك الإصلاح الذي يقرّبها من الله تعالى.

-
1. تحديد الواقع:

أولى هذه الخطوات التي قام بها الامام عليه السلام هي تحديد الواقع، حيث أن واقع المجتمع الاسلامي آنذاك كان قد مُنيَ بالانحرافات التي تنافي القيم والمبادئ التي ارساها الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – ، وعندما طلب منه والي يزيد على مكة بأن يبايع يزيد أطلقها صرخة مدوية" يزيد شارب الخمور، راكب الفجور، قاتل النفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله" .. فإنطلاق الامام الحسين عليه السلام بناءً على تحديد مواطن الخلل الذي ينتشر من خلاله الفساد.

-
2. التخطيط:

إن التخطيط الذي قام به الامام الحسين عليه السلام كان أحد أسباب انتصار الثورة، فقد رسم الامام الحسين تحركه وفق خطة يسعى من خلالها أن يُبقي الإسلام حياً ينبض بجسد الأمة بعد أن أماته يزيد، ولا يكون ذلك الإّ بإراقة دمه الطاهر، فخطّط لأن يتجه إلى الكوفه، فبعث برسوله مسلم بن عقيل عليه السلام سفيراً له، وبعدها اصطحب النساء والاولاد ليكونوا جزءاً من هذه الفاجعة، حيث أن بشاعة الوقائع التي قام بها معسكر عمر بن سعد اتجاه نساء وأطفال الامام الحسين عليه السلام ساهم في فضح الظلمة وخلود الذكرى وبقاء الإسلام.

-
3. الخطوات العملية:

فبعد أن حدّد الإمام الحسين عليه السلام مكامن الإنحراف والفساد في المجتمع الإسلامي، وبعد وضع الخطة التي من خلالها سينطلق في مواجهة هذه الإنحرافات وعلى رأسها اسقاط يزيد من السلطة، بدء التحرك العملي في التطبيق لاصلاح الإعوجاج في الأمة، والخروج على الجور والظلم حتى وإن كان القتل هو النتيجة الحتمية، فلم يبالي عليه السلام بهذه النتيجة لإيمانه بقداسة المنطلق.

-
هكذا يمكننا أن نتعامل مع النفس ايضاً، حيث أن عدم الرضا والشعور بسوء الواقع يدفعنا لأن نحاول تغيير واقعنا لما هو أفضل بوضع الخطط التي تساهم في هذا التغيير، والسير وفق هذه الخطط لنصل إلى التكامل على مستوى النفس وعلى مستوى المجتمع.