السبت، 9 يونيو 2012

:: ولادة الكاتب ::




(إذا مات ابن آدم انقطع عمله الّا من ثلاث صدقة جارية أو كتب علم يُنتفع بها أو ولد صالح يدعو له) .. النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

إن اخوف ما تخاف منه السلطات الاستبدادية هي الثقافة والفكر والمفكرين بسبب كون هذه الكلمات المكتوبة التي ينطق بها المفكرون اذا استطاعت أن تصل عقول الناس فقد تهدد بعض العروش والتيجان المبنية من ورق فتحرمهم لذه الاستكبار لذا كان الجهل الذي يُفرض سابقاً عن طريق الرقابات على الكتب وما يطرحه اصحاب الفكر احد اقوي اسباب بقاء بعض السلطات الاستبدادية في الازمنة السابقة وقد تجد منها في زماننا الحاضر.
-
تقاس المجتمعات والامم بمدى تقدمها العلمي الناتج عن اهتمامها بالكتاب والتأليف، فعلى قدر اطلاع هذه المجتمعات على الثقافات المختلفة والعلوم المتنوعة يكون تطورها ورقيها يتناسب ويتزايد بشكل طردي وهذا الاطلاع، ومن خلال هذا الاطلاع نستطيع ان نجمع العقول والخبرات التي قام بها الاخرون سعياً في تحصيل ماتوصلوا اليه والوقوف على خبراتهم في المجالات المختلفة وهو ما ورد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام "خير الناس من جمع عقول الناس إلى عقله".
-
تلك كانت مقدمتين تبين خطورة الكتاب وتأثيره في المجتمعات والذي من المؤسف ان يكون آخر اهتمامات المجتمعات الشرق اوسطية وفق الاحصائيات التالية:
- اجمالي الكتب التي نُشرت في العالم العربي في الاحصائية التي أُجريت في عام ٢٠٠٧ بلغت ٢٧٨٠٩ كتاباً وتمثل ١٥٪ من العلوم والمعارف المختلفة و ٦٥٪ في الادب والاديان والانسانيات.
- هناك كتاباً واحداً يصدر لكل ١٢ ألف مواطن عربي بينما هناك كتاب لكل ٥٠٠ مواطن انجليزي اي أن معدل القراءة لا يتجاوز ٤٪ من معدل القراءة في بريطانيا.
- العالم العربي يصدر حوالي ١٦٥٠ كتاب سنوياً، أما في دول الغرب لاسيما أمريكا فانها تصدر ما يقارب ٨٥ ألف كتاب سنوياً، وهذا يؤكد ان القراءة مرتبطة بوعي الشعوب الى درجة كبيرة.
- تكشف أحدث الإحصاءات في هذا الشأن أن الأوربي يقرأ بمعدل ٣٥ كتابا في السنة والإسرائيلي ٤٠ كتابا في السنة، أما العربي فإن ٨٠ شخصا يقرأون كتابا في السنة.
- 
قد نطرح تساؤل، لماذا هذا العزوف عن الكتابة؟
ان هذا العزوف هو نتيجة طبيعية لانصراف المجتمعات العربية عن القراءة وعدم استشعار أهميتها والحاجة إليها، فالمجتمع الذي لا يضع عملية القراءة من الاولويات والاحتياجات الاساسية لا تتوقع منه الارتقاء من خلال القراءة لكونها من العمليات الصعبة والتي لا تستمر الّا مع من تستهويه القراءة وحب الاطلاع وسيجد نتائجها حاضرةً أمامه من خلال ابداء الآراء العلمية الناتجة عن اطلاع ودرايه حيال الاحداث والظواهر والظروف وغيرها من مجالات العلوم المختلفة.
-
هل هناك صعوبات تحول دون الدخول في عالم الكتابة أو توقف التقدم في هذا المجال لمن بدأه ؟
الصعوبات حاضرة وبقوة في كل مجال وخصوصاً في البدايات والسبيل الوحيد هو المواجهة والتغلب على ما فيها من صعوبات حتى ينمو ذلك العود ويقوى في هذا المجال، ويمكن تلخيص أهم هذه الصعوبات في التالي:

١. صعوبة البداية: ان التأسيس لأي عمل يحتاج لأن ينطلق من أساس متين يثبت من خلاله القواعد الاساسية في الانطلاق، وهنا تكمن صعوبة البداية اذ ان التحصيل العلمي قد يحتاج جهداً كبيراً بالاضافة إلى الوقت الطويل الذي يستغرقه المرء في الاطلاع والقراءة، وسبيل التغلب على هذه الصعوبة هو الاصرار المواصله والنفس الطويل في التحصيل.

٢. عدم الصبر على الفكرة: الافكار التي ترد إلى الذهن ويتم اختيارها على أن تكون هي الموضوع المنتقى في عملية الكتابة تحتاج إلى صبر، اذ ان هناك اساليب عدة يمكن من خلالها اختبار تلك الافكار ومدى صلاحيتها ومنها: طرح الموضوع بشكل مبدئي في مقالة، إعداد الموضوع وإلقائه بشكل محاضرة، النقاشات في الموضوع المنتقى من قبل المتخصصين.

٣. عدم الصبر على النقد: في البداية لا داعي لأن يطلع الجميع على ماتكتبه، اذ أن الرؤية النهائية لماتكتبه قد لا يكون واضحاً الاّ في ذهن الكاتب، ونقد الاخرين لما هو غير مكتمل قد يجعل الكاتب يمر بحالة من الاحباط يعوق الاستمرارية، وحتى اكتمال الرؤية بالنسبة للقارئ يجب أن يقبل النقد على انه حالة تقويمية طبيعية وقبولها يكون من باب التصحيح والتطوير، واياك وسماع الاصوات النشاز التي تعطل مايقوم به الكاتب من نشاط.

٤. عدم القناعة بما تكتب: لعله من الطبيعي ان يكون الناقد الداخلي يعمل وبشكل فعّال في بداية عملية الكتابة مما يؤدي إلى عدم الرضا بما يكتبه الكاتب، لا تعتني بهذا الناقد في البداية حتى تنتهي مما كتبت ومن ثم لتكن عملية النقد والتقييم، وجميلة تلك الكلمة التي وردت عن احد الكتاب وهو (سينيدر):"انس أنك تكتب، فقط تحدث للورق .." 
-
كيف ننطلق في عالم الكتابة: الإنطلاق في هذا العالم الجميل يحتاج منا إلى مقدمات تساعد في تحقيق الهدف وهو اثراء المكتبات بما هو مفيد يساعد في تقدم المجتمعات والافراد على حد سواء في المجالات والتخصصات المختلفة ومنها على سبيل المثال القراءة المستمرة وهي التي تساعد على تنمية الحصيلة اللغوية وسهولة تدفق المعاني والصور في الذهن، بالاضافة إلى الاطلاع على آخر ما وصلت إليه العلوم والفنون المتفرقة، تدوين كل ما يخطر من افكار لحين الحاجة لها، ولاغنى عن الورق والقلم أو ما يعادلها في زمن التقدم والتطور التكنولوجي، حيث ان الافكار التي يتم تسجيلها هي الأقرب للتنفيذ اذا أثبتت صلاحيتها، والأفكار الغير مسجلة مع صلاحيتها هي الأقرب للنسيان، استخدام الخريطة الذهنية في تحديد فروع المواضيع والذي يساعد وبشكل كبير على الترتيب وتنظم الأفكار.  

وتذكر دائماً ان الكتاب لم يولدوا كتاباً بل رفضوا ان تكون عقولهم مقيدة بقيود الجهل فأصرّوا على تنميتها فكان السر في ذلك القلم والورق

الجمعة، 1 يونيو 2012

تقديم سماحة آية الله السيد حسين المدرسي لكتاب :: رؤى ::




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
كيف نقطف النجاح ؟!
وماهي عوامل الفوز في العمل الرسالي؟
في الحقيقة أن التقدم في المجالات الاجتماعية لأداء الواجب الاسلامي لابد من وضع أسس متينة للإنطلاق، فالانسان لا يستطيع تحقيق أهدافه بالأمنتيات ولا إنجاز التقدم بالتكاسل والاحلام إنما عليه أن يقوم بالأمور التالية:
أولاً: تحديد الأهداف برؤية واضحة.
ثانياً: تنظيم الأمور بشكل كامل.
ثالثاً: الاخلاص في العمل بتصفية النية من شوائب الرياء والسمعة.
رابعاً: التحلي بالأخلاق الفاضلة في التعامل مع الناس.
خامساً: وضع خطط عملية للوصول إلى الهدف المنشود وهذا لا يمكن القيام به إلاّ بمعرفة من يعينه على ذلك وليس هناك عامل مؤثر وكبير في الحياة أفضل من أصدقاء أوفياء مؤمنين يساعدونه على إنجاز مهامه وتهيئة الظروف المناسبة لها والاصدقاء المنتخبين عوامل مستعدة للوصول إلى الأهداف المرجوه وما على الإنسان إلاّ أن يختار الأصدقاء المناسبين لهذه المهمة وإذا كان الإنسان عاجزاً عن الانتخاب الحسن فهو أعجز عن تحقيق أهدافه بطريق أولى لذا جاء في الحديث الشريف " أعجز الناس من عجز عن اكتساب الاخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم" .
فالنجاح ليس أمراً سهلاً كما يتصوره البعض، وخصوصاً النجاح في الميادين الإجتماعية حيث يتطلب من الانسان بذل جهود كبيرة والقيام بأعمال كثيرة حتى يستطيع أن يصل إلى هدفه المنظور وما على الشاب المؤمن الذي يريد إصلاح مجتمعه إلاّ أن يأخذ بأسباب النجاح وهذا الكتاب الذي ألّفه الأخ العزيز أحمد فيصل عبر تقديم الرؤى والتجارب في هذا الصدد يعتبر جهداً مشكوراً ومحاولة موفّقه في خدمة العمل الرسالي ومن الضروري على كلّ فرد في الساحة الإسلامية أن يستفيد من تجارب الآخرين كما جاء في الحديث الشريف عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال " السعيد من اتعض بتجارب غيره".
ومن الطبيعي أن أفضل خطوة يخطوها المرء هي الخطوة التي تكون بمعرفة وبعلم وبتخطيط مسبق وبتنظيم محكم حتى ينال الفوز الكامل في انجتز العمل الرسالي وكما قال مولانا أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام في آخر وصية له للمسلمين" الله الله في نظم أمركم... ".
لذا فإن تحديد الهدف وتنظيم الأمور في القيام بالعمل المبرمج من الخطوات الأولية في النجاح كما أن انتخاب الأصدقاء وإقامة علاقات وطيدة معهم ومعرفة كيفية الارتباط بالآخرين ومد جسور التعاون والعمل المشترك على أساس النقاط المشتركة مع الذين نختلف معهم في الأفكار والمعتقدات وهو من مستلزمات نجاح العمل الاجتماعي أيضاً حيث لابد من مداراة الناس وهذا مانستفيده من توصيات الرسول الأكرم حينما قال " أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض".
من هنا نحن نشكر أخينا الكريم الذي قام بجهد جهيد في تجميع الأفكار والرؤى في هذا المجال ليكون مشعلاً لكل من أراد العمل الرسالي الناجح.
نرجو من الله عزّوجل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى وأن يتقبل من أخينا هذا الجهد المبارك أنه وليُّ التوفيق، وصل الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
حسين المدرسي
27 ربيع 1 1433 هـ
20 فبراير 2012 م