الاثنين، 4 فبراير 2013

:: الوحدة بمفهومها السلبي ::

إنقضت في الأيام القلائل السابقة ذكرى ميلاد نبي الرحمة الذي بعثة الباري جل وعلا لينتشل البشرية من ظلمات الجاهلية ويدخلها في النور الإلهي ليضع لها وفق القواعد الإلهية أسس السعادة الأبدية والوصول إلى الكمال المطلق وهو الله سبحانة وتعالى، وتتزامن هذه الذكرى المباركة مع دعوة السيد الخميني (قده) لإسبوع الوحدة الإسلامية التي أصبحت شعاراً يُرفع للتقارب بين المذاهب الإسلامية .. ولكن ياتُرى ماهي الأسس والمرتكزات التي تقوم عليها هذه الوحدة وإلى ما يستند القائمون على هذه البرامج في وقتنا الحاضر ؟!
-
قد يلتبس على البعض المفهوم الفضفاض للوحدة ويتفاوت استيعابها من فرد لآخر فهل الوحدة هي القفز على بعض المعتقدات وغض الطرف عنها في سبيل إرضاء أطرافاً أخرى!، هل هي التنكر لبعض المسلمات التي أرسى قواعدها مراجعنا العظام وعلماؤنا الأعلام!، وهل سيميل الطرف الآخر بدرجة الميل ذاتها لتحقيق الوحدة المطلوبة!
-
إن كان الجواب بأن هذه الوحدة تسعى للتسامي على الخلافات العقدية التي يؤمن بها الطرفان والعيش دون تعدي فئة على الأخرى والوقوف على المعتقدات كما هي دون المساس بها بحيث يقبل كل طرف الطرف الآخر من باب (إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) كما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فهو (التعايش) إذن ..
-
وللأسف أن السمة البارزة وما يلاحظ على بعض البرامج التي تقام تحت مسمى (الوحدة) لاتخرج عن كونها مهرجانات تمثل فقاعة إعلامية لاتعمل على ترسيخ أي من القواعد السليمة والمتثلة بالحوار للوصول إلى اتفاق حقيقي أو كونها تُرسم لأهداف وغايات سياسية خالصة تهدف لخدمة مصلحية آنية ولا يختلف إثنان أن كلا السمتين ستنهار مع أول تضاد في وجهات النظر والشواهد على ذلك كثيرة.. فلا سبيل إلى هذا المطلب إلاّ بالجلوس على طاولة الحوار والتباحث في أصل الاتفاق والاختلاف مع التمسك بالمعتقدات الحقّة وعدم تجاهل الأسس الإسلامية الأصيلة المتمثلة بالقرآن والعترة الطاهرة.
-
وقبل كل ذلك من المفترض الوقوف على ترتيب البيت الداخلي وإزالة كافة حواجز الإختلاف الذي يربك الصف ويشق وحدته، فمن غير المعقول السعي لتوحيد الجبهة الخارجية والتغافل عن الخلاف والتفكك الذي يمزق الجبهة الداخلية والذي أعتبره أحد أسباب فشل المساعي في الدعوة إلى الوحدة- والتي أؤكد أنها تقوم على أساس التمسك بكافة المعتقدات التي يدعمها رأي حماة المذهب من المراجع والعلماء .. وفي النهاية "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.."

هناك تعليقان (2):

  1. مفهوم الوحدة و الانسجام الإسلاميين في منظور الامام الخميني رضوان الله عليه والامام الخامنئي حفظه الله :

    المراد بالوحدة أمر بسيط و واضح و هو تعاون الفرق الإسلامية مع بعضها و عدم نشوب التعارض و التضاد بينها. المراد باتحاد المسلمين هو أن لا يلغوا بعضهم و لا يسلطوا الأعداء علی بعضهم و لا يهيمن بعضهم علی بعض عن طريق الجور.

    معنی الاتحاد بين الشعوب الإسلامية هو أن يتحركوا باتجاه واحد في القضايا المتعلقة بالعالم الإسلامي و يساعدوا بعضهم و لا يستخدموا أرصدتهم و إمكانياتهم ضد بعضهم.

    ليس معنی الاتحاد بين المسلمين تخليهم عن معتقداتهم الكلامية و الفقهية الخاصة، إنما اتحاد المسلمين له معنیان آخران يجب تأمينهما علی السواء: المعنی الأول هو أن تتميز الفرق الإسلامية المختلفة – و لكل منها فرقها الكلامية و الفقهية المختلفة – بالتعاطف و التعاون و التعاضد و التشاور الحقيقي إزاء أعداء الإسلام. و المعنی الثاني هو أن تحاول الفرق الإسلامية علی تنوعها أن تقترب من بعضها و تخلق مناخ تفاهم فيما بينها، و مقارنة المذاهب الفقهية الإسلامية فيما بينها. ثمة الكثير من فتاوی الفقهاء و العلماء إذا أخضعت للبحث الفقهي العلمي لأمكن ربما بقليل من التغيير تقريب الفتاوی بين مذهبين.

    ردحذف
  2. لم أتمكن شخصياً إلى الآن من إيجاد سبيل للوحدة الإسلامية، قد يكون المفكرين والباحثين من أهل العلم أقرّوا بوجوب الحث على الوحدة الإسلامية السياسية والاجتماعية، لا المذهبية والعقدية، إلا أنني أرى أن التعاش السلمي هوَ الخطوة الأهم في عالم (الوحدة الإسلامية) المنشودة ..

    ردحذف